لفتت صحيفة "الخليج" الاماراتية إلى أن "حرب الشوارع"، التي شهدتها ​باريس​ بين مجموعات "السترات الصفراء"، و​الشرطة الفرنسية​ في السبت الرابع للحراك الشعبي، ضد حكومة الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​؛ بدت نسخة أوروبية لما حدث في بعض العواصم العربية في مستهل ما سمي ب​الربيع العربي​، الذي تحول إلى كارثة قومية بكل معنى الكلمة؛ بعدما تم استغلال الحراك الشعبي من جانب جماعات الإسلام السياسي؛ وتحديداً الإخوان، ومن ثم تحويله إلى مطحنة للموت والدمار في أكثر من بلد عربي؛ بعد إدخال جماعات ​الإرهاب​، بشتى أشكالها وأنواعها إلى الساحات في إطار تنفيذ مشروع الفوضى الخلّاقة؛ لتدمير ​الدول العربية​، تحت لافتات: الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية"، متسائلة: "هل ما تشهده ​فرنسا​، وبعض الدول الأوروبية هو نسخة جديدة لـ"الفوضى الخلّاقة"؛ من أجل تدمير هذه الدول، ومعها ​الاتحاد الأوروبي​؟".

واعتبرت أنه "من الضروري التنبه لمسألة أساسية في هذا الحراك، الذي يتسع مداه، ويأخذ شكله العنفي التخريبي؛ وهو أنه حراك بلا رأس، ودون هيكلية تنظيمية أو قيادة، ونشأ أساساً؛ من خلال وسائل التواصل الاجتماعي؛ رداً على قرار ​الحكومة الفرنسية​ بزيادة الضرائب على وقود السيارات فقط. ومع الوقت، بدأ الحراك يتصاعد ويتسع، ويرفع من مطالبه، وصولاً إلى إسقاط الحكومة، وإقالة ماكرون، وإجراء انتخابات جديدة، لم يكن مفاجئاً أمام هذه الحالة، أن يتم استغلال واستثمار هذا الحراك من جانب أحزاب اليمين المتطرف، واليسار الراديكالي؛ لاقتناص الفرصة والانتقام من ماكرون، الذي أطل على عالم ​السياسة​ من وراء كواليس الشركات والمصارف، وسلب منها دورها".

وأشارت الصحيفة إلى أن "ما يجري على الساحة الفرنسية، يدخل في إطار مسعى وضع ​أوروبا​ بيد الأحزاب الشعبوية اليمينية؛ تمهيداً للتخلص من الاتحاد الأوروبي، وقد بدأت إرهاصات ذلك في ​إيطاليا​ و​المجر​ و​بولندا​ و​تشيكيا​؛ بوصول الأحزاب اليمينية إلى السلطة، أو المشاركة فيها، وخروج ​بريطانيا​ من الاتحاد، والتقدم الملموس للأحزاب اليمينية في ​هولندا​ و​الدنمارك​ و​ألمانيا​ وفرنسا و​النمسا​ وهنا نجد يد عرّاب اليمين المتطرف ستيف بانون تعبث بأوروبا؛ حيث يخوض معركة اليمين على اتساع القارة الأوروبية، ويتخذ من إيطاليا مقراً ومستقراً لمهمته؛ فهو يتواصل من هناك مع كل القوى والأحزاب اليمينية والشعبوية في أوروبا، وينتقل من عاصمة أوروبية إلى أخرى، ويراهن بشكل أساسي على إيطاليا؛ كي تكون خميرة الثورة الشعبية، التي يسعى إلى إطلاقها".

وأوضحت أن "هذا الرجل أنشأ منتدى فكرياً في أحد الأديرة الإيطالية، يعمل - من خلاله - على إطلاق مشروع يميني على أساس أن الشعبوية هي رد فعل مشروع ضد نظام العولمة؛ لسحب السلطة من النخب، وإعادتها إلى الشعب، وهو يجاهر بحقده على الاتحاد الأوروبي، وعلى الرئيس ماكرون شخصياً وهذا الرجل ليس بعيداً عمّا يجري في باريس، وغيرها مستقبلاً في أكثر من عاصمة أوروبية".