على وقع تظاهرات السترات الصفراء في العاصمة الفرنسيّة باريس، إحتجاجاً على الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، كان الكثير من المواطنين يتساءلون عما يمنعهم من التحرّك في ​لبنان​، لا سيّما أن الأوضاع في بيروت ليست بأفضل حال من باريس، لتأتي المفاجأة من العاصمة البريطانية لندن، حيث قرر الحراك المدني اللبناني في ​المملكة المتحدة​ وبلاد الإغتراب التحرّك، بالتزامن مع الزيارة التي يقوم بها رئيس الحكومة المكلّف ​سعد الحريري​ للمشاركة في "ملتقى لندن الاقتصادي"، المقرر بعد غد الأربعاء 12 الجاري، بعنوان: "إستثمر في لبنان" بالتنسيق بين السفارة اللبنانية في لندن، والسفارة البريطانيّة في لبنان، وبمشاركة القطاع الخاص في البلدين.

الدعوة إلى المشاركة في الوقفة الإحتجاجية ضد زيارة الحريري، تنطلق من أنه كان "الأجدر به العمل على حل الأزمة الحكومية بدل السفر المتكرر للهروب من الواقع والعمل على مشاريع فاشلة وخلق أمجاد وهمية". وطلب منظّمو الوقفة الإحتجاجية، التي ستكون يوم الأربعاء عند الساعة العاشرة صباحاً أمام أوتيل سافوي، من المشاركين إرتداء السترات الصفراء، بحسب ما يؤكّد الناشط صلاح نور الدين في حديث لـ"النشرة"، الذي يشير إلى أن الدعوة ليست موجّهة ضد الحريري شخصياً، بل بوصفه يمثل جزءاً من المنظومة السياسية الموجودة في لبنان.

ويكشف نور الدين، الذي شارك في التحركات التي نظمها المجتمع المدني في لبنان سابقاً عند بروز ​أزمة النفايات​، أن المغتربين لديهم دائماً الأمل في العودة إلى وطنهم مع أبنائهم، لكن في ظل الطبقة السياسية الحاكمة لا يبدو أن هذا الأمر سيتحقق، ويضيف: "قررنا التحرك في لندن لأنّ ​بريطانيا​ تحمينا هنا، ولن يتم الإعتداء علينا بحال قررنا التعبير عن مواقفنا"، ويشير إلى أن الحراك تمكّن من الحصول على إذن من السلطات الرسميّة في بريطانيا لتنظيم الوقفة الإحتجاجيّة.

في هذا السياق، يرفض نور الدين الإتّهامات التي تتحدث عن أنهم قد يكونوا مدفوعين من قبل جهة سياسيّة محدّدة، ويؤكّد أن هذه الإتهامات وجّهت لهم من قبل بعض المغتربين، ويلفت إلى أن سؤال هؤلاء كان لماذا التحرك اليوم بوجه رئيس الحكومة المكلّف، مع العلم أن نصّ الدعوة يحمّل مسؤوليّة الأوضاع في لبنان إلى الحريري وشركائه في السلطة وليس له وحده، وبالتالي ليس رئيس الحكومة المكلّف هو الهدف المباشر من هذا التحرك.

وفي حين يشير نور الدين إلى أن فكرة التحرّك بدأت منه ومن مغترب آخر هو ​أحمد الزين​، يلفت إلى أنه شخصياً أقدم على شراء 50 سترة صفراء وسيقدم على شراء 50 أخرى لتوزيعها على المشاركين، ويشدّد على أن الهدف هو كسر "التابو" أمام المواطنين اللبنانيين من أجل التحرك في وطنهم، لكنه يعرب عن أسفه لأنّ صورة الإنقسام السياسي في لبنان موجودة أيضاً في لندن، ويضيف: "نحن نوجّه الدعوات عبر ​مواقع التواصل الإجتماعي​، ونأمل مشاركة العدد الأكبر من المغتربين"، ويؤكد أن هذا التحرك الرمزي سيبقى قائماً حتى ولو كان وحده، نظراً إلى أن الزين اضطرّ إلى العودة إلى لبنان بسبب حادثة وفاة.

في المحصّلة، هو ​تحرك رمزي​ ضد السلطة السياسيّة الحاكمة ينطلق من العاصمة البريطانيّة لندن، لكن الكثير من علامات الإستفهام تُطرح حول إمكانيّة نجاحه، في ظل الإنقسام السياسي الحادّ الموجود في أوساط المغتربين أيضاً، إلا أن الأكيد هذه الصرخة ضروريّة ومن المفترض أن تنطلق من بيروت.