اشار وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال ​جبران باسيل​ الى ان "الهجرة إذا أحسنّا إدارتها تؤدّي الى تنوع حضاري، وتكون مصدر غنى وسلام لبلداننا، وإذا أسأنا التحكم بها وتركناها من دون ضوابط تؤدي الى فوضى حضارية وتكون مصدر تصادم وإقتتال لشعوبنا". ودعا الى "ضرورة عدم الخلط بين فئة اللاجىء والنازح وفئة المهاجر، وبين المهاجر الشرعي والمتسلل الغير شرعي، وضرورة عدم الخلط بين حقوق الإنسان مهما كان، وبين سيادة الدولة ومصلحة شعوبها مهما كلّفت. فاللاجىء له حقوقه الإنسانية دون أن تعطيه هذه الصفة حقوقاً على الدول أو مساً بسيادتها".

واعتبر باسيل خلال المؤتمر الحكومي الدولي لاعتماد الاتفاق العالمي للهجرة في ​مراكش​ - ​المغرب​، ان "الهجرة خيار أما اللجوء فقسري، وقبول الهجرة حق سيادي للدول المضيفة أما اللجوء فمفروض عليها. الهجرة طموح أما اللجوء فيأس. الهجرة بحث عن أرض الأحلام أما اللجوء فبحث عن الأمان. الهجرة تنوع أما اللجوء فمس بالتنوع. الهجرة ساهمت في عظمة الدول أما اللجوء فساهم في تخريبها وإنحطاطها". اضاف " كان موقف ​لبنان​ ضرورة التمييز بين الإتفاق الخاص بالهجرة المنظمة والإتفاق الخاص باللاجئين، لإختلاف طبيعة الإتفاقين وأطرهما القانونية، كذلك موقفنا المشدّد على الطابع الغير إلزامي لهذه الوثيقة وإحترامها لسيادة الدولة وخصوصياتها في تحديد سياساتها الوطنية وأولوياتها المتعلقة بالهجرة".

واعلن باسيل ان "لبنان يُسجّل أعلى نسبة لجوء ونزوح في تاريخ البشرية وصلت الى 200 في الكيلومتر المربع الواحد، إضافة الى وقوعه على تقاطع محاور الصراعات الإقليمية والدولية والقومية والدينية التي تكلّف إقتصاده خسارة مئات المليارات من الدولارات". اضاف "لست هنا للبكاء على واقع فرض علينا، ولست هنا للتنصل من مسؤوليةٍ إنسانيةٍ تُفرض علينا في كل مرة يشتدُّ فيها خوف أقليةٍ على مصيرها؛ فلبنان الكبير بإنسانيته أكبر من أي دولةٍ أُخرى، وهو لم يوقع على إتفاقية اللجوء لسنة 1951 لأن دستوره ينص على أنه ليس بلد لجوء".

واكد ان "لبنان بإنسانيته إستقبل الهاربين من عصابات الهاجانا في ​فلسطين​ ومجموعات الإرهاب في سوريا وتحمل الأعباء والخسائر منفرداً، وهو يستحق أن يقف الجميع إحتراماً له، لا أن يحاول الكثيرون أن يوقفوا سيول اللاجئين داخل أرضهم بإنتظار حلٍ سياسي، فيدفع لبنان وحيداً ثمن الحربِ وثمن الحلّ". اضاف " أنا المشرقي اللبناني المسيحي لا أوافق على بعض سياسات الكنيسة بخصوص الهجرة. فأنا مع كل حالة فردية طبيعية تؤدي لغنى صاحبها وإغناء المجتمع، واللبنانيين رائدون في ذلك، وأنا ضد كل الحالات الجماعية القسرية التي تؤدي الى حقد والى إفقارٍ للمجتمعات المضيفة، ولبنان صاحب أقسى تجربة في ذلك، أنا هنا لأناشدكم بأن الحل الوحيد للنزوح الجماعي هو في العودة الآمنة والكريمة والمستدامة والممرحلة للنازحين السوريين الى بلادهم، وكل حلٍ آخر سوف يبقي الخنجر في قلب لبنان والسكين على أعناقكم. سوريا اليوم آمنة بمعظمها والسوريون بمعظمهم يريدون العودة إن ساعدناهم وخصّصنا لهم أمولاً لتشجيعهم على العودة الى بلداتهم وليس لبقائهم في بؤسهم. الفرصة متاحة ويجب التخلي عن أجنداتٍ سياسية لن تتحقق بربط العودة، فكّروا بأجندات مجتمعاتكم التي تهددها غزوة اليمين المتطرف بسبب اللجوء، فأفكار وتيارات الثلاثينيات بدأت تعود الى أوروبا، وها هي موجات الشوارع وصناديق الإنتخاب تترافق مع موجات النزوح، ولن تبقي أياً منكم في إجتماعاتنا اللاحقة، ولن تبقي في أوروبا نجاح ما تحقق مِن وحدة.

وتابع قائلا "في مقابل سوداوية النزوح واللجوء هناك نصوع ظاهرة الهجرة كمصدر إثراء للمجتمعات، فللبنان تاريخ مشرق معها، ويقدَّر الإنتشار اللبناني بحوالي أربعة عشر مليوناً في كل أصقاع العالم؛ مقابل أربعة ملايين مقيمين قدموا إنجازات كبيرة نفتخر بها، وتبوّأوا مناصب سياسية وإقتصادية وعلمية متقدمة في دولهم، لا بل تخطت نجاحاتهم حدود الدول المضيفة لتصل الى العالمية، وهي بالآلاف، لذلك وإعتزازاً بهم وإيماناً بتعزيز الروابط بينهم وبين لبنان إتخذت الدولة اللبنانية مجموعة من التدابير؛ كإقرار قانون لإستعادة الجنسية اللبنانية،وقانون لإنتخاب اللبنانيين المقيمين في الخارج، وتقديم الحوافز المالية للمنتشرين المستثمرين،والقيام بالمؤتمرات الإغترابية الدورية وكافة النشاطات والبرامج التي تعزز الإنتماء الى الوطن الأم".