مع مرور الوقت، بدأت نوايا ​الجيش الاسرائيلي​ تتكشّف شيئا فشيئا، فمع إطلاق عمليّة "درع الشمال" لكشف أنفاق ​حزب الله​، سرت تساؤلات حول أهداف العملية وتوقيتها، فربطها البعض بنيّة ​إسرائيل​ية لافتعال حرب، رغم تأكيد حزب الله أن الجبهة الداخلية لاسرائيل غير مستعدة لمغامرات مشابهة. اليوم لم تعد الأمور مبهمة، فمن الأهداف الرئيسية للعملية محاولة الضغط على المجتمع الدولي لتعديل مهمة "​اليونيفيل​" في ​لبنان​.

بحسب صحيفة "هآرتس" طلبت السلطات الاسرائيلية من قيادة الولايات المتحدة الاميركية قبل إطلاق العملية الحدودية بيوم واحد، خلال لقاء رئيس الحكومة الاسرائيلية ​بنيامين نتانياهو​ ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في بروكسل، فرض عقوبات على الحكومة اللبنانية و​الجيش اللبناني​ لتحميلهما مسؤولية "مسرحية الانفاق"، فاعترضت واشنطن، مشددة على الفصل بين حزب الله والحكومة اللبنانيّة. بعد هذا الرفض انتقلت تل أبيب الى الطلب الثاني المتمثل بتعديل مهمة "اليونيفيل"، مشيرة الى أنه على هذه القوى "واجب التصدي لحزب الله بفاعلية وصرامة، ومنعه من الإضرار بإسرائيل". وأيضا رفضت أميركا، فكيف سيواجه لبنان؟!.

إضافة الى هذه الطلبات الاسرائيلية، كان لافتا أيضا نيّة اسرائيل التحرك دوليا للدفع لعقد جلسة لمجلس الامن لمناقشة ملف الأنفاق واتخاذ قرارات قاسية بحقّ لبنان، وفي ذلك ما يشبه "إعلان الحرب السياسيّة"، وهذا ما لن يكون سهلا كون الحرب الدفاعية أو المضادة انطلقت من وزارة الخارجية والمغتربين عبر الوزير جبران باسيل.

بالعودة الى المطلب الإسرائيلي بتعديل مهمة "اليونيفيل" تؤكد مصادر سياسيّة متابعة أن هذا الامر وإن حظي بموافقة دوليّة فإنه لن يحظى بموافقة لبنانيّة، كون أيّ تعديل بهذه المهمات يعني إعلان حرب على الجنوبيين. وتضيف المصادر: "هذه ليست المرة الاولى التي تحاول فيها اسرائيل التأثير على المجتمع الدولي لتغيير مهمة "اليونيفيل" فهي تعتبر نفسها خسرت في العام 2006 عندما قرر ​مجلس الأمن​ زيادة عديد هذه القوى في جنوب لبنان ولكن دون تعديل في المهمة الموكلة اليها منذ بدايتها في 19 آذار عام 1978"، مشيرة الى أن اسرائيل حاولت مرارا وتكرارا تعديل مهمة "اليونيفيل" عبر تفعيل "الفصل السابع" الذي يتيح استخدام القوة العسكرية، ومطالبة اليونيفيل بتجريد "المقاومة" من سلاحها، وتمكينها من تسيير دوريات عسكريّة مؤلّلة.

وتكشف المصادر، أن ما تتمنى اسرائيل حصوله اليوم ليس جديدا، وآخر المحاولات التي جرت في هذا السياق كانت إبان مرحلة التمديد الأخيرة التي جرت في نهاية آب الماضي، اذ يومها ضغطت الولايات المتحدة الاميركية ماليا وسياسيا، وكان الهدف تقليص عديد قوات اليونيفيل وتعديل مهمتها، الا أن ذلك الامر فشل بسبب مواقف لبنان الحازمة التي صدرت عبر وزارة الخارجية، والتواصل الرسمي بين باسيل ووزراء خارجية الدول الفاعلة وتحديدا الأميركي.

تؤكد المصادر أن العمل الدبلوماسي اللبناني لمواجهة التحديات الاسرائيلية لم يتوقف يوما، وما خسرته اسرائيل بالحروب لن تناله بالسياسة، وبالتالي إن أيّ تعديل لمهمة اليونيفيل سيكون أصعب من الحرب العسكرية، وسيواجه بحزم، مشيرة الى ان حزب الله ليس معنيا بالرد على الاتهامات والنوايا الاسرائيلية، فلبنان بموقعه الرئاسي ومجلسه النيابي وحكومته ووزارة خارجيته قادر على الرد وهو المسؤول عن الردّ أيضا.

امام وزارة الخارجية تحديات كبرى، وإن كان الوقت مبكرا لنهاية آب المقبل وفتح ملف اليونيفيل مجددا، الا أن مواجهة اسرائيل دوليا تتم اليوم، ولذلك ينشط السلك الدبلوماسي اللبناني في دول القرار لشرح حقيقة ما يجري على الحدود وخلفياته وتداعياته، والأهم نقل اللعبة الى الملعب الاسرائيلي الذي يخرق ​القرار 1701​ يوميا مئات المرات، ويتهم لبنان بخرقه.