هل ستُولد الحُكومة بعد أيّام قليلة أم أن لبنان على أبواب أزمة مفتوحة ستطول كثيرًا؟ سؤال يُراود الكثير من اللبنانيّين وحتى السياسيّين. فما هي المعلومات في هذا الشأن؟.

بداية، لا بُد من التذكير أنّه عند إنطلاق تحرّكات وزير الخارجيّة والمُغتربين في حُكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​ لحلّ أزمة تشكيل الحُكومة، حاول التسويق لحلّ "ثُلاثي" يقضي بتنازل رئيس الحُكومة المُكلف ​سعد الحريري​ عن وزير سنّي من حصّته في مُقابل تنازل نوّاب "اللقاء التشاوري" عن مطلب تمثيل شخصيّة من بينهم في الحُكومة لصالح شخصيّة مُقرّبة، وأن يُوافق "​حزب الله​" على تسليم أسماء وزرائه. لكنّ الإعتراضات جاءت مُتعدّدة، حيث رفض الحريري التنازل عن وزير من حصّته تحت أي صيغة، ورفض نوّاب "اللقاء التشاوري" التمثّل بشخصيّة من خارج صُفوفهم، ورفض "حزب الله" تصوير العُقدة بأنّها شيعيّة–سنّية، مُصرًّا على أنّها سنّية–سنّية. لكن بعد سلسلة من العروض التي لم يُكتب لها النجاح، والتي كانت قد قضت بتوسيع الحُكومة تارة، وبتصغيرها طورًا، وبإجراء تبادل على مُستوى التوزيع الطائفي والمذهبي، وبغيرها من الطروحات أيضًا، إنحصر الحلّ في الساعات الماضية بمخرج واحد. فما هو هذا الحلّ، وما هي فرص نجاحه؟.

تأكّد خلال المُحاولات الماضية للتوصّل إلى حلّ، أنّ رئيس الحُكومة المُكلّف مُصرّ على عدم التنازل عن أي من الوزراء السُنّة من حصّته، حتى لوّ جرى منحه وزيرًا من أي طائفة أخرى أو مذهب آخر كتعويض، وأنّه يرفض تمثيل أحد نوّاب "اللقاء التشاوري" في الحُكومة بشكل مُباشر، حتى لو من حصّة غيره، وأنّه مُصرّ أيضًا على عدم التنحّي عن مُهمّة التكليف مهما كانت الضُغوط. وبالتالي، تبيّن أنّ أقصى ما يُمكن أن يقبل به الحريري–ولوّ بشكل غير مُعلن، هو المُوافقة على تمثيل نوّاب "اللقاء التشاوري" عبر شخصيّة من خارج صُفوفهم، ومن خلال حصّة وزاريّة من خارج حصّته.

تبيّن أيضًا أنّ "حزب الله" مُستعدّ بدوره للمُوافقة على هذا الحلّ، لكن بشرط حفظ ماء وجه نوّاب "اللقاء التشاوري" عبر إستقبالهم من جانب الحريري، وكذلك بشرط أن تأتي المُوافقة على تمثّلهم بشخصيّة مُقرّبة منهم، على لسانهم بشكل طَوعي وليس عبر الفرض من أي طرف كان. إشارة إلى أنّ "الحزب" أرسل في الساعات الماضية أكثر من رسالة غير مُباشرة إلى نوّاب "اللقاء التشاوري" تُوحي بضرورة ترك الباب مفتوحًا أمام حلّ تمثّلهم بشكل غير مُباشر، بعد أن كانوا قد جاهروا طويلاً برفض هذا الإحتمال.

تبيّن كذلك الأمر أنّ "التضحيّة الأبرز"–إذا جاز التعبير، ستكون من جانب رئيس الجُمهورية العماد ​ميشال عون​ الذي سيتنازل عن تسميته الوزير السُنّي من حصّته، بشكل مُباشر، لصالح المخرج الذي يقضي بأن يتشارك تسمية هذا الوزير السنّي مع أطراف أخرى عدّة، من بينها نوّاب "اللقاء التشاوري"، على أن يتولّى الرئيس شخصيًا إقناع رئيس "التيّار الوطني الحُرّ" بهذا الحلّ الذي لا يُحبّذه باسيل.

وبحسب المَعلومات المُتوفّرة، إنّ أحدًا من الأطراف المَعنيّة غير مُستعدّ لإعلان موافقته على هذا الحلّ المطروح، قبل التأكّد من موافقة كل الأفرقاء الآخرين به، وذلك خوفًا من تقديم تنازلات مجانيّة وفي غير مكانها. وبالتالي، يُنتظر أن يعمل رئيس الجُمهورية خلال الساعات المُقبلة على بلورة تفاصيل هذا الحلّ مع رئيس الحُكومة المُكلّف الذي عاد إلى لبنان، وخُصوصًا على إيجاد المخرج الذي يحفظ ماء وجه الجميع بالنسبة إلى صيغة إجتماع الحريري مع نوّاب "اللقاء التشاوري" ومكان هذا الإجتماع الذي سيفتح باب الحلّ، مع ترجيح أن يُعقد في القصر الجُمهوري وبمُشاركة الرئيس عون. ويُنتظر أيضًا أن تصدر عن نوّاب "اللقاء التشاوري" تلميحات تدلّ على إمكان المُوافقة على عدم تمثّلهم بشكل غير مُباشر وضمن حصّة الرئيس، بعد أن جاهروا طويلاً برفض هذا الإحتمال.وتعمل أكثر من جهة سياسيّة حاليًا على التسويق لهذا الحلّ بعيدًا عن الأضواء، وخُصوصًا على العمل بتأنّ حتى لا يبدو أي طرف وكأنّه تراجع وإنهزم، لأنّه من الصعب العودة عن السُقوف العالية من دون إرتدادات سلبيّة.

وفي الخُلاصة، يُمكن القول إنّه خلال الساعات والأيّام القليلة المُقبلة، إمّا تسير مُختلف الأطراف بالحلّ المَذكور أعلاه–بغضّ النظرعن التفاصيل الصغيرة التي سيتمّ التوافق عليها في نهاية المطاف، وإمّا الأزمة الحُكوميّة ستبقى مَفتوحة لفترة زمنيّة غير مُحدّدة، قد تطول لأشهر إضافيّة عدّة، ما لم يكن أكثر!.