بات من المحسوم عدم مشاركة سوريا في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية التي يستضيفها ​لبنان​ الشهر المقبل، رغم ما تم تداوله مؤخرا عن ربط بعض الفرقاء السياسيين في الداخل اللبناني تسهيل عملية ​تشكيل الحكومة​ بدعوة الرئيس السوري ​بشار الأسد​ للمشاركة في هذه القمة. ورغم أن أي شيء رسمي لم يصدر عن "الثنائي الشيعي" في هذا المجال، الا أن الموقف الذي أطلقه رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ في وقت سابق لجهة رفضه انعقاد أي اجتماعات عربية من دون سوريا وانتقاده عدم دعوتها الى القمة الاقتصادية المقبلة في بيروت، اضافة لسلسلة تصريحات لنواب مقربين من ​حزب الله​ ودمشق تنسجم مع موقف بري، عززت بعض الهواجس من أن يكون هناك قرار فعلي بالضغط باتجاه دعوة دمشق تماشيا مع الجو الجديد المسيطر في المنطقة والذي يوحي بسعي لاستثمار "الانتصار" الذي حققه المحور الروسي–الايراني في سوريا.

الا أن المعلومات تؤكد أن حزب الله لم يفاتح أيًّا من المسؤولين بوجوب دعوة الأسد للقمة، لأنه يعي تماما أن خطوة مماثلة من شأنها أن تزيد الشرخ في البلاد وتنسف أي امكانية لتشكيل الحكومة في المدى المنظور، حتى أنها قد تؤدي الى أزمة سياسية لن يكون الفرقاء قادرون على منع انفجارها أمنيا.

ويبدو جليا أن الحزب يحرص على عدم احراج رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ بطلب مماثل، الا أن ذلك لا يعني عدم انتقاد عدم توجيه الدعوة لسوريا، تماما كما فعل بري، فالقرار بالحفاظ على الاستقرار والسلم الأهلي "لا يعني عدم الخروج للتأكيد على ما كان يجب أن يحصل والتضامن مع دمشق"، على حد تعبير مصدر في قوى 8 آذار.

وكما يتفهم حزب الله موقف الرئيس عون، فكذلك تعي بعبدا أنه ستخرج الكثير من الاصوات لتنتقد عدم شمول دمشق بالدعوات التي تم توجيهها للقمة العربية الاقتصادية. وفي هذا المجال تؤكد مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية أن أحدا لم يفاتح الرئيس عون بوجوب دعوة الاسد، "ففي النهاية لبنان دولة مضيفة وليست هي من تعدّ قائمة الدول المدعوّة انما الجامعة العربيّة التي لا تزال على قرارها بتجميد عضويّة سوريا"، لافتة الى ان أي قرار جديد في هذا الاطار يمكن أن يتّخذ في القمّة السياسيّة الدوريّة التي ستعقد في شهر آذار المقبل والتي تستضيفها تونس. وتضيف المصادر: "كما ان سوريا علقت عضويتها في الجامعة العربية بقرار منها ردا على الموقف الذي اتخذته الدول الأعضاء بحقها، لذلك لا يمكن أن نكون ملكيين أكثر من الملك. هناك قوانين للجامعة العربيّة نلتزم بها كدولة عضو وحاليا مضيفة للقمة الاقتصادية". وتعتبر المصادر "أنها تتفهّم تماما المواقف التي سمعناها وسنسمعها لا شك في الأيام والاسابيع المقبلة المعترضة على عدم دعوة دمشق، باعتبارها جزء من الخلاف السياسي، لكنها لن تغير شيئا في الواقع القانوني الحالي لانعقاد القمة".

بالمحصّلة، يبدو واضحا أن من يسعى الى تعميم رواية مفادها أن حزب الله يربط تسهيل عملية تشكيل الحكومة بدعوة الاسد الى القمة الاقتصادية في بيروت، انما يسعى لافشال المبادرة الرئاسيّة لحلّ الأزمة الحكوميّة، فهل تقف جهات خارجية وراء خطة مماثلة؟!