رأى السفير الروسي في ​لبنان​ ​ألكسندر زاسبيكين​، أنّ "انفصال الكنيسة الأوكرانية عن الروسية يأتي في سياق مؤامرة ترمي إلى تقسيم العالم الأرثوذكسي، وما يحصل هو عبارة عن تسييس لموضوع علاقات الكنائس من قِبَل رئيس ​أوكرانيا​ ​بيترو بوروشينكو​ الّذي يخرّب هذه العلاقات انطلاقًا من مصالحه الشخصية، في إطار حملته الإنتخابية الرئاسية"، مركّزًا على أنّ "حجم هذه المؤامرة هو أوسع بكثير، ويشمل العالم الأرثوذكسي ككلّ، ولا سيّما كنيسة ​روسيا​ الأساسية والمهمّة في هذا العالم، خصوصًا من حيث عدد أتباعها".

ولفت في حديث إلى وكالة "أخبار اليوم"، إلى أنّ "الكنيسة الأوكرانية هي جزء لا يتجزّأ من هذه الكنيسة الروسية"، مبيّنًا أنّ "هناك مجموعات المنشقين، بالإضافة إلى جهد لتقسيم الكنيسة الأوكرانية"، مشيرًا إلى أنّ "المشاركين في ذلك هم بطريرك القسطنطينية الّذي لديه بعض المصالح الخاصة، كما أنّ الأميركيين يحرّضون دائمًا ويلعبون دورًا سلبيًّا جدًّا على الصعيد الأوكراني بشكل عام، وفي هذا الملف في شكل خاص".

وأوضح زاسبيكين "أنّنا نثمّن كثيرًا الموقف المُتّخَذ من قبل رهبان الكنيسة الأوكرانية، إذ إنّهم لا يخضعون للاستفزازات الّتي تحصل حاليًّا"، مشدّدًا على "وجوب أن نكون جميعًا حذرين لأنّ تداعيات ما يحدث يمكن أن تكون سلبية كثيرًا، ولكن بصمود الرهبان سيحصل التغلّب على الصعوبات".

وعمّا إذا من الممكن رؤية ما حصل بالنسبة لكنيسة أوكرانيا وانفصالها عن كنيسة ​موسكو​، يحصل أيضًا في دول أرثوذكسية أخرى ذات علاقات متوتّرة مع موسكو مثل ​جورجيا​ مثلًا، أو في بعض دول ​البلقان​ الّتي تتّجه أكثر نحو ​الاتحاد الأوروبي​ والغرب، بيّن أنّ "هناك مخاطر كبيرة، ويبدو أنّ النهج التخريبي طويل الأمد، وهو ما يستوجب اليقظة. ولكنّنا نرى في الوقت عينه أنّ مواقف الكنائس الأرثوذكسية الأخرى إيجابية بالنسبة إلى الحفاظ على التلاحم بين الكنائس واتخاذ كلّ القرارات بالاجماع؛ ونعتقد أنّ ذلك سيستمرّ في العالم الأرثوذكسي".

وركّز على أنّ "هناك خصوصيات للأوضاع في العالم الأرثوذكسي، واتخاذ القرار من قبل الجميع حول القضايا الأساسية هو من القواعد المعمول بها منذ قرون. لذلك، هناك مسؤولية كبيرة على عاتق الجميع، خصوصًا في الظروف الحالية الّتي يُستخدم الدين فيها لأهداف سياسية، من قِبَل بعض الأوساط الغربية والأميركية، والآن في أوكرانيا تحديدًا"، معربًا عن اعتقاده أنّ "العالم الأرثوذكسي يُمكنه أن يحافظ على الوحدة والتقاليد الّتي عشناها خلال قرون".

وحول إمكانية القول إنّنا حاليًّا أمام مرحلة جديدة وخطيرة في ​أوروبا الشرقية​ قد تكون بمنزلة مرحلة تفكّك ​الاتحاد السوفياتي​، فتؤدّي الخطوة الأوكرانية بالإستقلال الكنسي عن موسكو إلى إشعال حرب، افاد بأنّ "التيارات القومية الراديكالية زادت نتيجة تفكّك الاتحاد السوفياتي وقبل تفكّكه بقليل. ومن هنا، كان التحريض الغربي في هذا الإطار، وهو يؤثّر على العلاقات بين الكنائس. ولكن، تاريخ الكنائس ليس هو نفسه تاريخ الدول".

ونوّه زاسبكين إلى أنّه "عندما نقول إنّنا نريد الحفاظ على الوطنية كما هي، فنحن نريد أيضًا الحفاظ على الكنائس كما هي. وهذا موقف ينسجم مع تطلّعات الشعوب ومصالح الشعوب، وهو أمر جوهري بالنسبة إلينا، لكن أهداف المعسكر الآخر هو الفصل بين الجميع، ولا سيما بين الدول والشعوب، وتقسيم الكنيسة هو أحد الأدوات الأساسية في هذا المجال".

كما شدّد على "أنّنا لسنا نحن من بادر في الصراع الكنسي في أوكرانيا الّذي ينتقل الى المجال السياسي، بل القوى المسيطرة حاليًّا. وهذا هو نهج القيادة الأوكرانية الحالية، ونهج القوميين الراديكاليين أصحاب الميول ​النازية​، الّذين يؤيّدون أي شيء انفصالي في مجال الدين؛ ولكن يجب الصمود في وجه هذه المؤامرة.

ووجد أنّ "من الصعب جدًّا أن نتكهّن تمامًا تداعيات ما يحصل. هناك أقاويل حول حرية اختيار للناس إلى أي كنيسة يريدون أن يذهبوا، ولكن من الواضح أنّ إجراءات إنفصالية من هذا النوع كإعلان الكنيسة المستقلة مثلًا، لن تتحقّق دون إجراءات من قبل السلطات بالنسبة الى نقل الممتلكات مع إمكانية حصول نهب أو قمع"، لافتًا إلى أنّ "هناك مخاوف كثيرة تتعلّق بتصرفات القوى الراديكالية، ولكن تطوّر أي سيناريو في هذا الإطار لا يُمكن معرفته تمامًا".

وجزم زاسبيكين "عدم جواز حصول استفزازات، وكل ما يجري هو عبارة عن خطوات من قبل أولئك الّذين يريدون التقسيم والتخريب. ولكن النهج الروسي، فهو بنّاء دائمًا ويرمي إلى العيش المشترك والتوافق. ولكن نؤكد في الوقت نفسه تضامننا مع الشعوب".