المؤشرات على تراجع الاقتصاد اللبناني ودخول البلد ومؤسساته المالية منطقة "الخطر" وشبح الإفلاس لم تعد نكتة ومجرد شائعة او "اكاذيب" تصب في مصلحة فريق سياسي من دون آخر بل هو امر واقع يعرفه كبار الساسة في لبنان والمطلعين على "اسرار" الدولة المالية وخصوصاً "اولياء الامر" في السلطة. ومن دون "الغمز او اللمز" او تحميل العهد او غيره مسؤولية هذا الانحدار، يؤكد خبراء اقتصاديون ان ما وصلنا اليه من إفلاس هو نتيجة تراكمات منذ حكومات الطائف حتى اليوم بالاضافة الى السياسات الاقتصادية الخاطئة وسياسة الهروب الى الامام في القضايا المالية التي اعتمدتها الحكومات المتعاقبة لوجو صعف بنيوي في صلب الاقتصاد اللبناني غير المنتج والمرتكز على الخدمات والقطاعات غير البنيوية.

ومنذ ايام صدر تقرير لـ"موديز" اعلن تخفيضها نظرتها المستقبلية للبنان، من مستقرة إلى سلبية، كنتيجة طبيعية لمرحلة التأزم السياسي والإنحدار الإقتصادي، اللذين تتخبط فيهما الدولة منذ أشهر. فالنظرة المستقبلية السلبية، لوكالة التصنيف الدولي، تجاه لبنان، لم تأت من العدم، إنما بنيت على معطيات لا تقل سلبية عن المعطيات والمؤشرات التي قد تدفع الوكالة نفسها، أو غيرها من وكالات التصنيف العالمية، إلى خفض تصنيف لبنان الإئتماني في الأشهر المقبلة، فيما لو استمر الحال على ما هو عليه اليوم.

وفي مؤشر آخر على اقتراب الانهيار صدر تقرير للبنك الدولي في تشرين الاول الماضي، عدل فيه، توقعات البنك الدولي لمعدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2018 بالنقصان إلى 1% من التنبؤات السابقة البالغة 2%. وتُنبِئ مؤشرات عالية التواتر بتدهور النشاط الاقتصادي حتى الآن في عام 2018 في كل القطاعات ماعدا قطاع المعاملات الخارجية، حيث أدت زيادة نسبتها 7.3% في الصادرات السلعية في النصف الأول لعام 2018 مقارنةً بما كانت عليه قبل عام.

ويزاد على هذه المؤشرات والتقارير، السياسات المعلنة من قبل وزارة المالية ومصرف لبنان من رفع للفوائد على سندات الخزينة بنسبة 3 ونصف في المئة لتمويل عجز المالية العامة، فكل هذه السياسات والمؤشرات دفعت باليسار اللبناني بكل تشكيلاته وخصوصاً الحزب الشيوعي اللبناني والتنظيم الشعبي الناصري وعشرات الناشطين في المجتمع المدني ووجوه اعلامية وثقافية وتربوية وبليدة واختيارية الى التظاهر امس احتجاجاً على هذه السياسات الاقتصادية ورفضاً لافلاس البلد وتفليسه.

ويقول امين عام الشيوعي حنا غريب لـ"الديار"، ان توقيت التظاهرة هو دق ناقوس الخطر ورفع الصوت عالياً من اللبنانيين الذين طفح الكيل معهم فالبلد وصل الى انهيار وشيك والسلطة تقول انها لا تستطيع تمويل الدين والاقتصاد وتتجه الى مزيد من الاستدانة ورفعت الفوائد وهي تتخبط من جراء سياساتها واجراءاتها فتريد الهيمنة على كل شيء في البلد وتحتكر السلطة وتمارسها وفق انظمة سياسية فاشلة لم تنجح منذ صيغة العام 1943 مروراً بالطائف وحتى اليوم. ويشير الى ان الآوان حان لمواجهة خيارات هذه السلطة الطائفية الفاشلة والهاربة الى الامام وسنواجه هذه الخيارات بتحركات مستمرة ومتدحرجة حتى نصل الى العصيان المدني.

ويؤكد اننا سنجتمع الجمعة لتقييم هذا التحرك ولوضع خطة شاملة ومستمرة والدعوة مفتوحة الى كل لبناني بعيد من الاصطفافات السياسية والطائفية والحزبية.

في المقابل تؤكد اوساط قيادية في 8 آذار اننا مع اي تحرك مطلبي وعمالي واجتماعي في ظل ما نشهده من انحدار وافلاس وتجويع فهذا التحرك جامع ويجب على الجميع ان يشارك فيه وهو يوحد الشارع ويجمعه ولا يفرق ومطلوب وضع خطة تحرك مستمرة ومدروسة حتى الوصول الى تحقيق المطالب. فالوضع الذي نشهده سيوصلنا الى كارثة اجتماعية واقتصادية ومقبلون على انفجار خطير اقتصادي واجتماعي وجميع القوى السياسية الموجودة في السلطة تتحمل المسؤولية وعليها المبادرة الى وقف النزيف قبل فوات الآوان.