اختتم "اللقاء الحواري الإسلامي - المسيحي" بعنوان "التعارف والاعتراف... نحو دولة المواطنة" الذي نظمته سفارة دولة الامارات العربية المتحدة بالتعاون مع ​اللجنة الوطنية المسيحية​ الإسلامية للحوار، في فندق الحبتور - سن الفيل، أعماله، وأشار البيان الختامي الى ان اللقاء يشدد على أهمية التمسك بصيغة المواطنة والعيش المشترك في لبنان على قاعدة احترام التنوع والحريات العامة وفي طليعتها الحريات الدينية. ويعتبر المجتمعون أن تيارات التطرف لم تكتف بنقض العهود وانتهاك قيم التعايش بل انها شوهت فكرة الوطن وأساءت الى قيم المواطنة، وهو أمر خطير لأن تدمير فكرة الوطن والدولة تؤدي إلى تدمير ثقافة المواطنة.

وأكّد اللقاء على تعميم قيم المواطنة وثقافتها باعتبارها عقدا سياسيا واجتماعيا يقوم على الشراكة والقرار الحر في دولة المؤسسات، وتحقق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وترفعها إلى مستوى المؤاخاة الإنسانية المتكاملة والمكفولة بالقوانين والدساتير. ودعا المشاركون سائر اللبنانيين الى تعزيز أخوتهم في ظل ​الدستور​ وحكم القانون والديمقراطية وفي ظل التربية الأسرية ومناهج التعليم التي عليها الرهان الكبير في تعميم قيم المواطنة، ويشددون على نبذ التعصب والطائفية وسائر وجوه التفرقة والتمييز بين المواطنين.

ورأى اللقاء ان يحظى لبنان بصيغة متميزة تجعله متفردا في محيطه العربي ومن هذه الفرادة والحفاظ عليها تنبع أهمية التمسك بصيغة لبنان الرسالة التي تقوم على التعارفات واحترام التعدد والاختلاف لتكون نموذجا يحتذى في العيش المشترك على قاعدة احترام الحريات العامة وفي مقدمتها الحريات الدينية. وفي هذا السياق فإن هذا اللقاء الحواري يعتبر مكملا لما أرسته وثيقة سيدة اللويزة باعتبارها الصيغة اللبنانية المحلية المكملة لإعلان الأزهر، كما يدين المجتمعون أخطار ومظاهر التطرف والغلو في الدين، قولا وعملا، ويجمعون على تسفيه خطاب الكراهية، والى كلمة سواء بين اهل الأديان والمذاهب في اطار من ​المحبة​ والثقة والاحترام المتبادل. واكّدوا رفضهم لكل أشكال التطرف التي تدفع في اتجاه ​العنف​ أو النبذ والعزل والتهجير والمظاهر التي من شأنها ان تساهم في دفع أبناء اي دين إلى ترك أوطانهم بسبب الخطاب المتطرف. ويدعو المتحاورون المواطنين جميعا إلى التمسك بالوطن أرضا وشعبا ومؤسسات لأن في ذلك صونا لتعددية المجتمعات وحماية لفكرة المواطنة والحريات والتنوع في الوحدة.

ودعا المجتمعون لتعزيز دور المرأة في الحياة العامة الاجتماعية والسياسية والتعليمية، وذلك استكمالا لوحدة المجتمع وتوظيف كل طاقاته وإمكاناته في مسيرة النهوض والبناء والتقدم، ولتمكين ​الشباب​ من أداء دورهم في الحياة العامة والتأهل ليكونوا أعضاء فاعلين في مجتمعاتهم عبر إقامة لقاءات شبابية تتضمن نشاطات تؤكد على ثقافة التسامح والتعايش والمشاركة وتأخذ آراءهم منطلقا لصياغة حلول للمشاكل التي يواجهها الوطن تكريسا فكرة المواطنة وتعزيزا لمبدأ المساواة بين المواطنين. ‎ويشدد المجتمعون على أهمية مشاركة الشباب في الحياة الوطنية من خلال حوارات دائمة تنتج عنها تطلعات مشتركة تعبر عن الهموم التي تحرك الأجيال وتنظر الى الآفاق الكفيلة بمعالجة الاختلالات بما يحصن الشباب ويكفل عدم انزلاقهم إلى التطرف أو تبني أفكاره.

وأكّد المجتمعون على أهمية دور التربية في معالجة الاختلالات وبما يجمع الشباب على قيم الاحترام المتبادل والعيش المشترك. ويقترح المجتمعون على الجهات الرسمية إنشاء مجالس عمل شبابية في المناطق تكون مصدرا للأفكار ومنبعا للمبادرات. وكذلك يولي المتحاورون أهمية لضرورة العمل على إطلاق حوار وطني مجتمعي يكون فيه ​المجتمع المدني​ فاعلا في ردم الهوة وفهم الآخر وهو يساهم في ترسيخ هوية المواطنة ويشجع على تقديم الانتماء الوطني على أي انتماء آخر.

ودعا اللقاء ​المؤسسات التربوية​ التعليمية العامة والخاصة لإيلاء موضوع التربية الدينية اهتماما خاصا على قاعدة احترام التعدد وحريات الآخرين في إطار تربية وطنية تقوم على الالتزام بحقوق الأفراد والجماعات في التعبير عن معتقداتهم وآرائهم بحرية ضمن النظام العام. وأوصى ببناء برنامج أكاديمي مدرسي مدته خمس سنوات للبحث في أسس التسامح وقيمه وفي فكرة المواطنة وأهميتها لاعتماده في مناهج التربية والتعليم بما يقطع الطريق أمام حركات التطرف. وتعزيز المناهج التعليمية بالمواد الداعمة لقيم المواطنة وممارساتها بأساليب قادرة على مخاطبة التنوع الوطني، وترسيخ القناعة بأن القيم الوطنية والمفاهيم الدينية تؤكد على تعزيز لحمة المواطنة ورفض أصوات الكراهية والإقصاء والتمييز.

وفي الختم دعا المجتمعون المؤسسات الإعلامية إلى أداء دور إيجابي وبناء من خلال التعاون على إظهار الجوانب الايجابية في العلاقات بين الجماعات الوطنية المختلفة دينيا أو مذهبيا، وتجنب كل ما من شأنه أن يوظف في إثارة النعرات الطائفية البغيضة و​العنصرية​ وذلك حفاظا على السلم الأهلي ووحدة المجتمع.