بعد نحو شهر ونصف الشهر من الوقت الضائع، من حق المواطن اللبناني أن يسأل عن سر العقدة السنية، التي برزت مباشرة بعد إعلان رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ الموافقة على العرض الأخير الذي قدم إليه، لا سيما أن صيغة الحل التي تم التوصل إليها لا تختلف كثيراً عن تلك التي قدمت منذ اليوم الأول.

بين إصرار النواب ​السنة​ المستقلين على التمثل بواحد منهم، مدعومين من "​حزب الله​" بشكل أساسي الذي وضع ​الولادة​ الحكومية عند خاطرهم، ورفض رئيس ​الحكومة​ المكلف ​سعد الحريري​ هذا الأمر بشكل قاطع، كان موقف "​التيار الوطني الحر​" الرافض لأن يكون الحل من حصة ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​.

في محصلة المشاورات كان الإتفاق على حل لم يكن هناك ما يمنع الوصول إليه سابقاً، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية مطلعة عبر "النشرة"، كانت قد تحدثت سابقاً عن أن المطلوب أن يكون الحل على قاعدة تقاسم الأعباء بين الأفرقاء المعنيين، أي النواب السنة المستقلين ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، وتضيف: "هذا ما تم التوصل إليه في نهاية المطاف".

وفي حين بات من الواضح أن الحل النهائي يقوم على قاعدة موافقة رئيس الجمهورية على أن يكون تمثيل ​اللقاء التشاوري​ من حصته، بعد أن يتنازل هؤلاء عن قاعدة حصر التمثيل بواحد منهم، مقابل عدم معارضة رئيس الحكومة المكلف، تشير المصادر نفسها إلى دور لافت قام به "حزب الله" على هذا الصعيد، لا سيما أن موقف هؤلاء ما كان في الأصل ليكون متشدداً لولا الدعم الذي حظوا به من قبل أمين عام الحزب ​السيد حسن نصر الله​، وتكشف عن أن الحزب هو من طلب من النواب السنة المستقلين التراجع خطوة إلى الوراء في الأسبوع الماضي، إنطلاقاً من المعادلة التي كان قد عرضها عليهم رئيس الجمهورية في لقائه الأخير معهم، أي أن الأوضاع في البلاد لم تعد تحمل المزيد من التأخير، وبالتالي حان وقت تقديم التنازلات، في حين نقل عن أحد أعضاء اللقاء تكراره العبارة التي كان قد أطلقها النائب جميل السيد: "إذا حبيبك عسل ما تلحسو كلو".

من وجهة نظر هذه المصادر، حتى الساعة ليس هناك ما يفسر هذا التراجع، كما هو الحال بالنسبة إلى التشدد السابق، نظراً إلى أن وزيراً بالزائد أو بالناقص لن يغير من المعادلة السياسية التي ستكون قائمة على طاولة ​مجلس الوزراء​، كما تعتبر أنه لا يمكن الحديث اليوم عن إنتصار فريق على آخر أو هزيمة فريق مقابل الآخر، بل ان الحل جاء على ​القاعدة​ اللبنانية الشهيرة: لا غالب ولا مغلوب.

بالنسبة إلى هذه المصادر، ما حصل يدفع جدياً إلى السؤال عما إذا كانت العقدة محلية فقط، ولم يكن هناك من عامل خارجي كان يحول دون ولادة الحكومة، خصوصاً أن الأسماء التي يتم التداول بها على أنها ستقدم من أعضاء اللقاء التشاوري كانت أيضاً مطروحة سابقاً.

في المحصّلة، الحلّ الحكومي الذي تشير جميع المعلومات إلى أنه في طريقه لأن يتحول أمرا واقعاً، لم يكن مستحيلاً قبل عدة أيام، إلا أن ما كان يحتاج إليه مجرد ضوء أخضر محلياً كان أم إقليمياً أم دولياً، على أمل أن تنجح الحكومة في إنجاز أمر ما في عمرها الذي قد يكون طويلاً، وألاّ تنتقل خلافات مرحلة التأليف إلى طاولة مجلس الوزراء.