على الرغم من السعي إلى إظهار التسوية الحكومية بأنها تقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، لا يمكن إنكار أن التركيبة النهائية تكسر معادلة إحتكار تمثيل تيار "المستقبل" الطائفة السنية، التي كانت سائدة في جميع الحكومات التي كانت برئاسة التيار منذ العام 2005، وذلك يعود بالدرجة الأولى إلى قانون الإنتخاب الجديد، الذي سمح من خلال إعتماده النظام النسبي في تمثيل مختلف القوى والشخصيات التي لها الحضور على هذه الساحة.

لدى بروز العقدة السنية، بعد إعلان أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​ دعمه مطلب النواب السنة المستقلين، كان رد رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ بأنه "بيّ الطائفة السنية في ​لبنان​"، لكنه عملياً لم يعد قادراً على إدعاء هذه الصفة، بعد أن أصبح له شركاء في تمثيل الطائفة، في المجلس النيابي وفي مجلس الوزراء أيضاً.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن تيار "المستقبل" لم يكن يمانع تقديم أي تنازل بشرط ألا يمس بصفته التمثيليّة على الساحة السنّية، ما يفسر رفضه إستقبال النواب السنّة المستقلين طوال الفترة السابقة، نظراً إلى أن مجرد إجتماع رئيس الحكومة المكلّف بهم يعني الإعتراف بتمثيلهم السنّي، بينما كان قد ذهب إلى خيار آخر مع رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، يقضي بالإتفاق على تمثيله في الحكومة.

على الرغم من ذلك، تلفت المصادر نفسها إلى أن الحريري لم ينجح في تجنب الإعتراف بتمثيل هؤلاء النواب، حتى ولو كان ذلك بطريقة مباشرة، عبر تمثيلهم بشخصية من خارجهم ومن حصة رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، حيث تشدد على أن مبدأ الإقرار بالحق في التمثيل بات أمراً واقعاً، بغض النظر عن الحصة التي سيكون من خلالها وعن الشكل، وتعتبر أن هذا هو جوهر القضية الذي دفع أعضاء اللقاء التشاوري إلى التراجع خطوة إلى الوراء.

من وجهة نظر هذه المصادر، هناك اليوم معادلة جديدة على الساحة السنّية لا يمكن إنكارها، أركانها أن تيار "المستقبل" هو الممثل الأول للطائفة لكنه ليس الوحيد، بل لديه شركاء آخرين، هم ميقاتي والنواب من السنة المستقلين، وتؤكد بأنها ستكون قائمة لدى تشكيل أي حكومة أخرى، خصوصاً إذا ما إستمرت المعادلة الموجودة حالياً في المجلس النيابي، على قاعدة تكريس هذا العرف، وتضيف: "اليوم إستفاد المستقبل من الخلل الذي كان يعتري شكل اللقاء التشاوري، لكن لاحقاً سيكون عليه التعامل معهم بوصفهم كتلة قائمة بنفسها".

إنطلاقاً من ذلك، تعتبر المصادر السياسيّة المطّلعة أنه كان من الأفضل لرئيس الحكومة المكلف أن يكون المبادر إلى الحلّ منذ اللحظة الأولى، لا سيما بعد أن تبلغ من "حزب الله"، الذي يملك مع "​حركة أمل​" سلاح "الفيتو الميثاقي" الذي يمنع ولادة أي حكومة من دون موافقتهما، إصراره على تمثيل هؤلاء النواب، ما يسمح له بأن يدعو رسمياً بأنه "بيّ السنة"، ولم يفرض عليه هذا الأمر نتيجة توازن القوى على الساحة الوطنية بشكل عام، على عكس ما هو عليه الواقع اليوم، حيث أجبر على الإعتراف بتمثيل هؤلاء وشراكتهم له في الطائفة.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن الحريري لا يمكن إعتباره "رابحاً" في التسوية الحكومية، حتى لو كان البعض يُصر على عدم وضعه في موقع "الخاسر"، وتشير إلى أنه كان لديه فرصة لإحتواء النتائج التي أفرزتها ​الإنتخابات النيابية​ لكنه لم ينجح في ذلك!.