بقدر ما ارتاح البعض من جمهور ​التيار الوطني الحر​ لنجاح مساعي المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ التي حققت الخرق الحكومي المنتظر لناحية تمثيل ​اللقاء التشاوري​ في الحكومة بصاحب شركة "الدولية للمعلومات" جواد عدره، وبقدر ما تفاءل هذا البعض خيراً من أن الحكومة التي ستبصر النور خلال الساعات القليلة المقبلة، هي التي يسميها رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ منذ إنتخابه بحكومة العهد الأولى، وهي التي يعول عليها لتعويض ما خسره العهد من وقت ضائع، بقدر ما شعر البعض الآخر من جمهور التيار البرتقالي بنكسة معنويّة بسبب فقدان الرئيس عون وتكتل ​لبنان القوي​ الثلث المعطل في الحكومة، وذلك بسبب التنازل عن الوزير السني من حصة الرئيس لمصلحة اللقاء التشاوري. النكسة البرتقالية، تضاعفت بعدما أظهرت الوقائع أن فريقاً سياسياً إستعمل اللقاء التشاوري لمهمة سحب الثلث المعطل من الرئيس والتيار، وبعد إنجاز المهمة أنهى صلاحيته بالتسمية السريّة لعدرا من قبل النائب ​قاسم هاشم​، وهو المقرب جداً من رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ وعضو في كتلته النيابية.

وعن هذه النكسة، تشرح مصادر قيادية في التيار ان "العهد لم يعد قادراً على تحمل المزيد من التعطيل والتأخير في تشكيل الحكومة، لأن التاريخ سيكتب يوماً ما عن إنجازات عهد الرئيس ميشال عون، لا عمّا حققته حكومة سعد الحريري الثانية والثالثة، ولا عن تمثيل اللقاء التشاوري، ومن هذا المنطلق كان التنازل عن الوزير السني من قبل رئيس الجمهورية". وفي السياق عينه، تضيف المصادر القيادية في التيار "لقد إنتخب الرئيس عون في ٣١ تشرين الأول ٢٠١٦، ومع نهاية كانون الأول الجاري يكون قد مرّ من العهد سنتان وشهران أي ما يعادل ٢٦ شهراً، حكومة الحريري الثانية التي تم تأليفها بعد الإنتخابات الرئاسية شكلت بعد شهرين من تكليفه، وحكومته الثالثة التي ستبصر النور خلال الساعات القليلة المقبلة، أهدرت سبعة أشهر من المفاوضات والمناكفات إذ أن الحريري كُلّف بتشكيلها في ٢٤ أيار الفائت، والإثنين المقبل أي ليلة عيد الميلاد يكون قد مرّ سبعة أشهر على التكليف، وبالتالي هل من المقبول أن يستنزف العهد بتعطيل دام ٩ أشهر من أصل ٢٦، أي بما يعادل أكثر من ثلث الفترة الزمنية التي قضت منه ومن دون حكومة؟!.

من هنا جاء التنازل عن الوزير السنّي وإنطلاقاً أيضاً من أن الثلث المعطل لم يكن منذ بداية المفاوضات هدفاً بالنسبة الى الرئيس عون والتيار الوطني الحر بل جاء كنتيجة للأحجام التي أفرزتها الإنتخابات، ولو كان عدد أعضاء تكتل لبنان القوي أقل من ٢٩ نائباً لما كان مجموع الوزراء الذي يحق به للرئيس وللتكتل ١١ وزيراً.

إذاً في لعبة عضّ الأصابع، "كان لا بد من التنازل لإنقاذ العهد" يقول العونيون، خصوصاً أن وضع الحريري لناحية الإستعجال مختلف عما كان عليه عند تشكيل حكومته الثانية، يومها كان تمام سلام رئيساً لحكومة تصريف الأعمال والحريري خارج السلطة، بينما يرأس رئيس تيار المستقبل اليوم حكومة تصريف الأعمال، ما يعني أن إستعجاله بالأمس للعودة الى السلطة، ليس موجوداً اليوم، وتنازلات الأمس ليست سهلة بالنسبة اليه اليوم، خصوصاً بعدما خسر ما خسره في صناديق الإقتراع النيابية في أيار الفائت. ولو لم يتنازل الرئيس عون عن الوزير السنّي، من كان ليضمن تشكيل الحكومة قبل إنتهاء العهد الرئاسي وبالتالي منع التيار والرئيس من تحقيق ما وضع من خطط إصلاحية؟!.