لم تحسب القوى السياسيّة حساب احتراق الطبخة الحكوميّة بين ليلة وضحاها بعدما كان صباح يوم السبت الماضي موعدًا نهائيا لاصدار مراسيم التشكيل. الا أن حسابات اللحظات الأخيرة واتهام كل فريق الفريق الآخر بمحاولة الانقلاب على التفاهمات التي تم التوصل اليها، وان عن طريق المراوغة، أحبطت كل الجهود التي تم بذلها في الأيام الماضية والتي كادت تتوج بـ"حكومة عيديّة" للبنانيين.

ويبدو أن الحكومة دخلت غرفة العناية الفائقة التي بات محسوما انها لن تخرج منها قبل مطلع العام الجديد، بعد تحوّل المفاوضات والمشاورات الى حفلة سجال بين الفرقاء المعنيين بعمليّة التشكيل.

ففيما تعتبر مصادر في قوى "​8 آذار​" أن مبادرة مدير عام الامن العام ​اللواء عباس ابراهيم​ والذي تم تكليفه بها من قِبَلِ رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، باتت أقرب الى السقوط الكلّي، لافتة الى أن ما حصل في اليومين الماضيين محاولة من البعض للانقلاب على التفاهمات التي تم التوصل اليها والتي كانت هي نفسها بنود المبادرة، تؤكد مصادر وزير الخارجية ​جبران باسيل​ ان من انقلب على الاتّفاق هو من حاول ضم جواد عدرا الى "​اللقاء التشاوري​" باعتبار ان التفاهم كان يقضي بأن يكون من ضمن حصة رئيس الجمهورية.

ويبدو غريبا أن كل فريق يفسّر التفاهم الذي تمّ بشكل يتناقض تماما مع تفسير الفريق الآخر. اذ تؤكد مصادر "8 آذار" أن الاتفاق قضى بتنازل رئيس الجمهورية عن وزير سنّي من حصته ينضم لـ"اللقاء التشاوري" الذي تنازل بدوره عن اصراره على أن يتمثل بأحد أعضائه. وتضيف المصادر: "شهدنا في الايام الماضية محاولة لتفتيت "اللقاء التشاوري" وتفجيره من داخله من خلال الطلب من كل نائب تقديم اسم شخصية للتوزير، ومن ثم فرض اسم جواد عدرا ممثلا للقاء. لكن المفارقة أن الأخير نفسه رفض أن يكون جزءا منه وأكّد انه في حال توزيره سيكون عضوا في تكتل لبنان القوي".

وتشير المصادر الى ان ​حزب الله​ مستاء تماما ممّا آلت اليه الأمور وان كان يعتبر نفسه غير معني بكل ما يحصل ويراقب عن بعد، لافتة الى انّ المسؤولين في الحزب غابوا في اليومين الماضيين عن السمع لاعتبارهم أنهم كانوا واضحين تماما بأن حل الموضوع لدى النواب السنة الـ6 وليس لدى الحزب، أضف أنه وبما يتعلق بالخلاف المستجدّ حول الحقائب فهم غير معنيين به لأنّ أحدا لم يمسّ بحصتهم المتمثّلة بوزارتي الصحة والشباب والرياضة اضافة لوزارة دولة.

واذا كانت مصادر "8 آذار" تعتبر أن طرح موضوع استبدال بعض الحقائب "مناورة" تمّ اللجوء اليها لحرف النظر عن الانقلاب على التفاهم الذي حصل بموضوع الوزير السنّي، فان مصادر باسيل تتحدث عن "لعبة كذب وتحايل واعتماد لغة مزدوجة وملتبسة تجاه الرأي العام".

بالمحصّلة، يشير كل ما سبق الى أننا بتنا أقرب الى المربع الأول في عمليّة التشكيل، وللمفارقة أن رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ الذي يتوجب أن يكون مدير اللعبة والحاكم فيها، تحوّل مجرّد متلقٍّ لمستجدّات التأليف، ما قد يستدعي اعادة نظر باللعبة ككل!.