لم يكن اسم السيد جواد عدره مطروحاً بهذه القوة يوماً في وسائل الاعلام وعلى كل شفة ولسان، ولكن منذ ان قيل ان الحلحلة بدأت تأخذ طريقا في مسيرة ​تشكيل الحكومة​، بات محط الانظار، وهو على غرار كثيرين نام وزيراً وصحا خارج تداول الحكومة. قيل الكثير عن مسار طرح اسمه وسحبه وسبب الخلاف عليه، وبدا من وجهة نظر النواب السنّة الستّة انه الجلاد، فيما أسهبت وجهات نظر أخرى على انه الضحية.

الانقسام حول شخصيّة عدره امر طبيعي، خصوصاً اذا ما اخذنا في الاعتبار مسألة حساسيّة واهميّة تشكيل الحكومة، ولكن في ظل كل ما حدث ويحدث، كيف يمكن اعتبار هذا الرجل؟ هل هو ضحية ام فعلاً هو الجلاّد؟!. بداية، لا بد من الاشارة الى ان الجميع متفق عليه وعلى كونه غير استفزازي ومقبول، وهذا ما حدا بالمدير العام للامن العام تسويق اسمه لدى الأفرقاء الى ان تم التوافق عليه قبل ان يوضع خارج الحسابات بشكل تام اثر معضلة "هويّة تمثيله". ولكن، بالعودة الى ما يمكن تعلّمه من هذه الواقعة، لا يمكن اغفال اكثر من نقطة مهمة، ومنها ان معضلة تمثيل عدره ليست سبباً مقنعاً لاستعمالها كذريعة لفضّ الاتفاقات التي أُجريت، وهل من احد يمكن ان يصدّق ان مسألة بهذه الاهميّة والدقة يمكن ان تمرّ دون التفكير بها من قبل كل الاطراف السياسيّة في لبنان من "​التيار الوطني الحر​" الى "​حركة امل​" و"​حزب الله​"، الى "تيار المستقبل" والنواب السنّة الستّة، وحتى اللواء عباس ابراهيم نفسه؟ وهل يمكن لاحد ان يصدّق انه خلال الزيارات المكوكيّة التي حصلت والتي سبقت وتلت جولات اللواء ابراهيم على المسؤولين والزعماء السياسيين، لم يتم التطرق ولو من باب "الصدفة" الى الجهّة التي سيكون عدره محسوباً عليها، أكانت النوّاب الستّة ام "التيار الوطني الحر" كما تردد؟!.

وفي حال كانت النوايا صافية الى هذه الدرجة، هل فعلاً لم يعرف احداً ان عدره ليس من اعضاء النواب السنّة الستّة؟ اليسوا هم انفسهم من قال ان احداً لن يمثّلهم الا انفسهم؟ وكيف قبلوا بتبنّي إسم خارج عددهم ما لم يعرفوا ادق التفاصيل في هذا الموضوع؟ واذا ما صدقت الاخبار التي نقلت عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله انه دفع بالنائب قاسم هاشم لطرح اسم عدره مع زملائه الخمسة لتبنّيه، فهل لم يكن يدري بالفعل عدم نية عدره الانتماء الى النواب الستّة؟.

من "شيطن" عدره بين ليلة وضحاها؟ ومن جعله العقبة الاساسية التي اخّرت الحكومة واعادت مسألة وجودها الى نقطة الصفر؟ هل هو رئيس ​المجلس النيابي​ نبيه بري ام حزب الله ام وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال ​جبران باسيل​ ام هو رئيس الجمهورية؟ المتّهمون كثر، والواقع واحد وهو ان الحكومة عادت لتكون الضحيّة بعد ان تم انعاشها لفترة من الوقت، وليس هناك من سبيل لتدارك الامور سوى بالعودة الى الاسس والمبادىء التي من المفترض ان ينطلق منها رجال السياسة في العالم، وهي ارادة الشعب ومصلحة البلد. انما في ظلّ الانقسام الشعبي بسبب السياسة، ووسط تشتيت مصلحة لبنان، هل من الممكن بعد ان نأمل بالوصول الى حل سريع؟!.

الجواب بسيط وهو متعلق بالخارج، لانه ما ان تتحلحل الامور خارجياً، حتى يطرح الحلّ نفسه بشكل "عجائبي" وتعلو الابتسامات على وجوه الجميع، وتبدأ عمليات تبنّي الحل لنسبه الى احدى الجهّات التي لا تخجل من اعلان نفسها صاحبة الحل بعد ان علّقت جهود التشكيل لايام واسابيع طويلة، وتسبّبت في هدر اعصاب اللبنانيين ومصالحهم ووضعهم الاقتصادي والمالي.