فجأة وبسحر ساحر سياسي إنتقل السجال الدائر على خلفية ​تشكيل الحكومة​ من محور الى آخر. فجأة، لم تعد المشكلة بالنسبة الى رئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​ في الفيتو الذي يضعه ​حزب الله​ على تشكيل أي حكومة إذا كانت لا تضم ممثلاً عن نواب اللقاء التشاوري، وفجأة أيضاً لم تعد مشكلة حزب الله في " المكابرة التي يعتمدها الحريري برفضه تمثيل اللقاء التشاوري في حكومته على رغم الفوز الذي حققه نوابه في الإنتخابات النيابية ومن خارج لوائح ​تيار المستقبل​. ولم يعد الخلاف بين الضاحية وبيت الوسط، وتحولت الأنظار السياسية نحو حرب الإتهامات العالية النبرة بين فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ممثلا بتكتل لبنان القوي وحزب الله. وبنتيجة ما تقدم قرر الحريري التزام الصمت وعدم الإدلاء بأي تصريح عن الحكومة. "وكيف لا يقرر الحريري عدم الحديث بالشأن الحكومي" تقول المصادر المتابعة بعملية التأليف، "عندما يرى حليفين ك​التيار الوطني الحر​ وحزب الله، يتساجلان بنبرة عالية وغير مألوفة بينما أصبح هو على شبه حياد".

المصادر المتابعة لعميلة تأليف الحكومة، تسأل "لماذا إنزلق جمهورا الفريقين وفتحا هذه الحرب الإلكترونية على صفحات التواصل الإجتماعي بينما يعلمان جيداً بأن المشكلة الحقيقية ليست لديهما"؟.

"نعم المشكلة الحقيقية هي بين تيار المستقبل وحزب الله لا بين التيار الوطني الحر والحزب، والدليل في هذا الشرح المختصر "يقول المتابعون لعملية التأليف. وفي السياق عينه، يذكّر المتابعون الرأي العام، بالخطاب الشهير للأمين العام للحزب ​السيد حسن نصرالله​، والذي قال فيه إن المشكلة الحكومية ليست مع ​الرئيس ميشال عون​، والمقصود من تمثيل نواب اللقاء التشاوري ليس المسّ بحصة رئيس الجمهورية، بل بإحترام نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة التي كسرت الأحادية في التمثيل لدى الطائفة السنية، وإذا قرر الرئيس عون في نهاية المطاف التخلي عن مقعد من حصته بهدف التوصل الى حلّ للمشكلة، فهذا لا يعني أبداً أنه وفي حال تعثّرت مبادرته مرحلياً أو تم تطييرها بالكامل، سيصبح هو المسؤول عن تعطيل تشكيل الحكومة لأنّ من يجب أن يعمل على تمثيل النواب الستّة في اللقاء التشاوري هو سعد الحريري نفسه". كل هذه الإعتبارات والتوضيحات، تكشف المعلومات أنها حضرت خلال إتصالات التهدئة التي سجّلت بين قيادتي التيار الوطني الحر وحزب الله، والتي صدر بنتيجتها بيان مشترك دعا جماهير الفريقين الى التهدئة.

تهدئة بين التيار والحزب، من شأنها إعادة تصويب الأمور في الإتجاه الصحيح، ومن شأنها أيضاً القول ولو بطريقة غير مباشرة الى الحريري، ليس بالصمت الذي التزمته تهرباً من مسؤولياتك، تشكّل الحكومات، وبما أن حقيقة المشكلة تكمن في مقعد سنّي لا مسيحي أو شيعي، فهذا يعني أن مسؤولية حلها تقع على من قال يوماً إنه "بيّ السنة"، لا على رئيس الجمهورية، ولا على حزب الله.