تؤكّد لنا مصادر رسمية موريتانية مباشرة من العاصمة "نواكشوط" أنّ الرئيس الموريتاني ولد بن عبد العزيز سيزور ​لبنان​ في ١٤ أو١٥ من الشهر الجاري في زيارة تاريخية؛ وذلك ضمن الجولة التي يعتزم القيام بها الى كلّ من ​الإمارات العربية​ المتّحدة و​سوريا​ .

لا شكّ أن هذه الخطوة الموريتانية يُراد منها فتح علاقات أعمق مع ​الدولة اللبنانية​ التي بَعُدت كثيراً عن ​موريتانيا​ دون أسباب واضحة سوى: الإهمال المتوارث.

سنلقي ​الضوء​ على الآتي :

-لا سفارة للجمهورية اللبنانية في الجمهورية الإسلاميّة الموريتانية حتّى الساعة.

-لا زيارة رئيس جمهوريّة لبناني الى نظيره الموريتاني حتى الساعة.

-لا اتفاقيات ثنائية مع الدولتين حتى الساعة.

-لا نشاطات ثقافية مشتركة حتى الساعة.

-لا تبادل واجبات اجتماعية رسمية حتى الساعة.

إنّ الرئيس الموريتاني فقدَ منذ فترة في حادث مأساوي ابنته الصغرى ما دفعه لعيش حزنه بعيدا في الصحراء لمدّة طويلة استعاد بعدها نشاطه السياسي. ولكن، لم نشهد أيّ زيارة رسميّة لبنانية الى موريتانيا للقيام بواجب التعزية.

الواقع، أنّ جهلاً مدقع يضرب المعرفة حول تاريخ وحضارة وواقع موريتانيا في بعض الأوساط السياسية والعامة.

موريتانيا رمز الضيافة العربية وبلاد المليون شاعر وموطن العلماء تعرّضت لإساءة معنوية من وزير لبناني سابق قبيل انعقاد ​القمة العربية​ في العاصمة نواكشوط في العام ٢٠١٦، حين صرّح عن أن الوفد اللبناني سيبيت في ​المغرب​، نظرا ان البنية الموريتانيّة لا تتوافق مع المواصفات البيئيّة والصحيّة لاستقبال القمّة ما أثار موجة احتجاج كبيرة عليه في الشارع والاعلام الموريتاني وكذلك اللبناني.

طبعاً، الوزير تحدّث وقتذاك بلسانه وليس بلسان ​الشعب اللبناني​ الذي يقدّر ويحترم ويحبّ الشعب الموريتاني، هذا الشعب الذي ساهم كثيرا في نشر الثقافة العربيّة ليس فقط في القارة الافريقيّة بل في العالم.

حادثة أخرى في ​مطار بيروت​ مع الكاتب والصحفي حنفي ولد داه حين نشر عبر محطّة اعلام عربيّة عما تعرّض له من بعض الموظّفين الذين بحثوا جاهدين للتأكّد من أن موريتانيا "عربية".

لكن، يبقى ما ذُكِر باطار الأحداث الفردية لا تفسد في ​السياسة​ وفي ودّ العلاقات الشعبية قضيّة.

في العام ٢٠١١ زار وفد من ​حزب الله​ موريتانيا والتقى بالرئيس ولد بن عبد العزيز. صدرت حينها تصريحات هامة من الطرفين حول أهميّة ​المقاومة​ وامتدادها، مؤكّدة أنّ موريتانيا كما لبنان تضمّ شعبا مقاوماً مؤمنا ب​العروبة​ وبالقضية الفلسطينية.

إن زيارة الرئيس الموريتاني الى سوريا تثبّت الموقف التاريخي لموريتانيا حينما رفض رئيسها منح المقعد المخصص لسوريا في القمة العربية الى ممثل عن المعارضة السوريّة آنذاك، ما عرّضه حينها الى كثير من الضغوط رفض الرضوخ لها.

تتعرّض موريتانيا اليوم لهجمة كبيرة في ​المجتمع الدولي​ تحت عنوان "​حقوق الانسان​".

الرئيس الأميركي لم يجد ما يعلنه عن موريتانيا سوى أنها دولة ترعى "تجارة الرّق" يجب "تنظيفها"، ما أضاف تشويها لها في الرأي العام الدولي، واعتداء على حضارتها وذلك باسم الديمقراطية وحقوق الانسان مرّة أخرى. مسألة لا بدّ من التوقّف عندها والبحث في جوانبها الخطيرة سواء على المستوى السياسي الدولي أو القانوني الدولي بعيدا عن الأهواء العاطفية والردود الانفعالية.

موريتانيا امام واقع خطير بعد اكتشاف ​النفط​ في بحرها الغني بثروات عدّة غير السمكيّة الاستثنائية.

طبعا، ل​اسرائيل​ مطامع عدّة في موريتانيا التي قطعت علاقاتها معها ردا على حرب غزّة في ٢٠٠٩، لا سيما أن واقع هذا البلد الجغرافي يزعج الكثيرين. ولكن، المثقفون السياسيون في موريتانيا يعون جيدا خطورة المرحلة المقبلة.

إنّ التحركات التي يقوم بها الرئيس الموريتاني ترسم تحالفات دوليّة جديدة عسى أن تتوج بفتح سفارتين للبلدين في كلّ من موريتانيا ولبنان، وألا يُكتفى بالقنصليات الفخريّة، لا سيما لما يحمله ذلك من أهمية على صعيد العلاقات الثنائيّة السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، وايضاً لاهميته بالنسبة للجاليتين اللبنانيّة والموريتانيّة في كلّ من البلدين. فالعبرة ليست لأعداد المنتشرين او المغتربين بقدر ما هي بأهمية قيمة الانسان والمواطن.

بالمحصّلة السياسية اليوم، موريتانيا تسبق لبنان في زيارتين، إليه والى سوريا فكيف سيبادلها؟.