أكّد رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، أنّ "خلافات في الخيارات السياسية لا تزال تعرقل ​تشكيل الحكومة​ ​الجديدة​"، داعيًا جميع الجهات المعنيّة إلى "تحمّل مسؤوليّاتها الوطنية وتسهيل عملية التشكيل". وركّز على "أنّنا حافظنا على الأمان والاستقرار في ​لبنان​ في زمن الحروب الحارة، فمن غير الجائز إضاعة ما تحقّق من خلال الحروب الداخلية الباردة".

ولفت خلال استقباله في ​قصر بعبدا​، وفدًا من مجلس ​القضاء​ الأعلى برئاسة ​القاضي جان فهد​، إلى أنّ "نسبة الجرائم قد تدنّت خلال عام 2018 بشكل ملحوظ قياسًا بالأعوام السابقة، ما يؤكّد نجاح ​الجيش​ و​القوى الأمنية​ في تحقيق الأمن في البلاد"، موضحًا أنّ "لاستكمال ذلك لا بدّ من تعاون بين القضاء والأجهزة الامنية بحيث لا تؤدّي القرارات القضائية على أنواعها إلى الحدّ من فعالية الإجراءات المتّخذة".

وشدّد الرئيس عون على "الإسراع في إصدار الأحكام"، مبيّنًا أنّ "قانون العقوبات يحتاج إلى تعديلات أساسية ستكون موضع بحث في المؤتمر الّذي سيدعو إليه بعد تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، ويضمّ جميع المعنيّين بالقضاء من قضاة ومحامين ورجال قانون". ودعا إلى "تصنيف الجرائم الّتي يحاكم المتّهمون بها أمام ​محكمة المطبوعات​ للتمييز بين ما تنطبق عليه قواعد الحرية من نقد سياسي بناء في إطار الحرية المصانة ب​الدستور​، والشتيمة والسباب والتجريح وانتهاك الأعراض والحرمات والكرامات الّتي لا علاقة لها بالحرية".

وجدّد دعوته إلى الجسم القضائي لـ"المحافظة على المناقبية والتجرّد والحياد الّتي يُفترض أن تتوافر بالقاضي في مختلف المجالات الّتي يعمل فيها"، مشيرًا إلى أنّ "الاهتمام بقصور العدل والسجون سيكون من أولويات عمل الحكومة المقبلة".

وكان فهد قد نقل تهاني الجسم القضائي إلى الرئيس عون لمناسبة الأعياد، شاكرًا "الاهتمام الّذي يوليه بحاجات القضاة على اختلاف درجاتهم وتنوّع مسؤوليّاتهم". وسلّم عون "تقريرًا موجزًا عن وضع القضاء العدلي وعمل القضاة العدليين البالغ عددهم 524 قاضيًا"، لافتًا إلى أنّ "حركة العمل في المحاكم أظهرت أنّ فصل الدوائر المدنية والجزائية على أنواعها للدعاوى والشكاوى الواردة إليها في العام القضائي 2017-2018، أي منذ الأوّل من أيلول 2017 ولغاية 31 آب 2018 بلغ 85.77 بالمئة".

ونوّه إلى أنّه "وردت إليها 198863 دعوى وشكوى، وتمّت معالجة 170572 منها، ومن المفيد الإشارة إلى أنّ العام المنصرم شهد ورود 48512 دعوى وشكوى زيادة عن العام القضائي 2016-2017، حين بلغ الورود 150351 دعوى وشكوى، وقد بلغ الورود 157588 دعوى وشكوى في العام القضائي 2015-2016".

وأفاد فهد بأنّ "​مجلس القضاء الأعلى​ شكّل في عام 2018 لجنة خاصّة لدراسة إحصاءات المحاكم بغية تحديد مكامن أيّ خلل يمكن أن يعتري سير العمل في أية دائرة قضائية واقتراح الحلول لمعالجته، كما تعميم أية تطبيقات عملية فضلى تؤدّي إلى تسريع العمل في الدوائر القضائية".

على صعيد آخر، التقى الرئيس عون الوزير السابق شكيب قرطباوي، وأجرى معه جولة أفق تناولت التطورات السياسية الراهنة والمستجدات الحكومية.

كما استقبل في حضور اللبنانية الأولى ناديا الشامي عون، محافظ مدينة بيروت القاضي زياد شبيب ومدير "المعهد الفني الأنطوني" الأب شربل راجي بو عبود مع وفد من المعهد، وقد تسلّم الرئيس عون فسيفساء العلم اللبناني الّذي تمّ رصف حجارته في ساحة الشهداء لمناسبة الذكرى الـ75 للاستقلال.

وقد وضع الرئيس عون واللبنانية الأولى آخر حجرين في مجسم العلم المرصوف على لوحة فسيفساء قياس 240x 138 سنتم. وكان من بين الحضور الطفلة هافن جان الجاويش الّتي كانت أوّل من وضع حجرة في الفسيفساء.

في هذا الإطار، شكر شبيب، عون على "استقباله الوفد لتقديم هذا العمل الفني التراثي التاريخي إليه، وهو لوحة تمثّل العلم اللبناني المصنوع من حجارة الفسيفساء"، مؤكّدًا أنّ "هذا الفن العريق هو متواجد ومتجذّر في كلّ لبنان ولاسيما في بيروت"، موضحًا أنّ "هذه اللوحة صنعت في وسط العاصمة وفي محيطها، وقد تمّ بالتعاون مع "المعهد الفني الأنطوني" إعادة إحياء هذا التراث وتسليط الضوء عليه".

وركّز على أنّ "الفسيفساء هي إحدى صفات لبنان، حيث يوصف المجتمع اللبناني بالموزاييك، فعندما يتألّف من حجارة مبعثرة ومتباعدة لا قيمة لها، ولكن حين تُجمع في لوحة فنية كهذه تصبح على شبه هذا العلم اللبناني الّذي نفتخر به لأنّه رمزنا وشعار وحدتنا الوطنية.

وتوجّه إلى الرئيس عون بالقول: "أنتم، كما يقول الدستور، رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن وأنتم بالتالي كهذا العلم، شعار نضعه فوق رؤوسنا وقد جسدتم هذا الأمر بالواقع وتطابق الواقع مع نصّ الدستور. لذلك من الطبيعي أن نضع هذا العلم اللبناني المكوّن من حجارة الفسيفساء بين أيديكم في مكانه الطبيعي لكي تتفضلوا مع السيدة الأولى بوضع الحجرين الأخيرين ليكون بين أيديكم كحاميين وحارسين للدستور ولوحدتنا الوطنية".

بدوره، شدّد الرئيس عون على أنّ "هذه هدية ثمينة وعزيزة على قلبي، ورمز كلّ الوطن وكل لبناني. فهذا العمل الفني الرائع يجسّد الشعب اللبناني الّذي يشبّهونه بالموزاييك كونه متعدّد الطوائف، إضافة إلى الأعداد المختلفة للشعوب الّتي سكنته". ورأى أنّ "لبنان في حاجة إلى أن يكون كلوحة الفسيفساء الجامعة لمختلف الحجارة الملتصقة ببضعها البعض الّتي تمثّل كلّ مكوّنات الشعب اللبناني". ولفت إلى أنّ "بلعلم اللبناني رموزه عديدة، ولا يمكن أن تحصى، من دم الشهداء، مرورًا بالامل بأرزته الخضراء إلى ثلجه الناصع".

وأعطى الرئيس عون توجيهاته بوضع فسيفساء العلم اللبناني في القصر الجمهوري.

من جهة أُخرى، تلقّى رئيس الجمهورية برقيات تهنئة بالأعياد من رئيس الإمارات خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الجمهورية التونسية الباج قايد السبسي ورئيس جمهورية اذربيجان الهام علييف.