ركّز النائب السابق ​غسان مخيبر​ إلى أنّ "قانون الإثراء غير المشروع الّذي يُشَبَّه للمواطنين أنّه موجود، لم يستعمل مُطلقًا منذ إقراره في عام 1952. بالتالي يحتاج هذا القانون إلى سدّ الثغرات الّتي تشوبه لتفعيله"، لافتًا إلى أنّ "إقرار قانون الوصول إلى المعلومات في مجلس النواب غير فعّال أيضًا، فالإدارات بمختلف أنواعها تمتنع عن تطبيقه حتّى لا تنكشف الممارسات الّتي تجري فيها"، منوّهًا إلى أنّ "هناك أيضًا فعالية ​القضاء​ واستقلاليته ونزاهته. وتشوبه عيوب كثيرة، والملفات الّتي تُحال إلى القضاء تنام في الإدراج وفق محميات تمنع من المحاسبة".

وبيّن في حديث صحافي، أنّ "في ​لبنان​ قوانين تعرقل كشف الفساد، أو هي غير فعّالة في إطار منظومة تحمي نفسها وتبني نفسها، ما يقضي على أي ظاهرة قائمة على الشفافية والمساءلة، لا سيما تلك المرتبطة بملاحقة الموظّفين وتجاوز الحصانات للوزراء، وإن كان العمل قد بدأ بعدد من القوانين الجديدة، ومنها قانون حماية كاشفي الفساد، والهيئة الوطنية ل​مكافحة الفساد​، بما يسمح بتجاوز بعض العراقيل المتعلّقة بملاحقة الموظفين، والاستقصاء عن حالات الفساد، وإحالتها إلى القضاء من دون الرجوع إلى المسؤول عن الموظف".

ورأى مخيبر أنّ "العلّة الأولى في لبنان هي في نظام الفساد البنيوي المبني على الزبائنية والمحمي سياسيًّا، ما يتيح ممارسات فاسدة لكن مقنّنة في حالات كثيرة، ومحميّة مذهبيًّا وطائفيًّا وسياسيًّا، بحيث تقضي على الحقوق والحريات الديمقراطية ومساواة المواطنين أمام القانون"، مشدّدًا على أنّ "بكلّ أسف، الطبقة السياسية الحالية هي الأقوى وتتجدّد، وقادرة على تأمين الغطاء لاستمراريتها عبر ​قانون الانتخاب​، ولا يمكن زعزعتها إلّا بعمل مضنٍ وصعب. وهي لا تعتبر التغيير مطلبًا جديًّا، ما يتطلّب تضافر جهود النزهاء ضمن تحالف وطني يعتمد الشفافية والمساءلة والمحاسبة".

وأفاد بـ"أنّنا نحتاج إلى بناء ثقافة جديدة تسمح باعتماد الأدوات الفعالة. وأراهن على أنّ المشهد سيتغيّر كثيرًا على مستوى الفساد الكبير، إلّا أنّ الأمر يتطلّب هيئات رقابية فعالة"، موضحًا أنّ "مجلس النواب يجب أن يكون هيئة رقابية، إلّا أنّه لم يجتمع لمساءلة الحكومة منذ ​اتفاق الطائف​ عام 1989، إلّا 19 مرّة أي أقلّ من مرّة سنويًّا، وهذا أمر غير مسبوق في تاريخ البرلمانات".

كما أكّد "وجوب تعديل الأنظمة الّتي ترعى الأسئلة والاستجوابات، ويقوم بها نواب مستقلون، ففعالية الرقابة البرلمانية يعيقها القانون الداخلي للمجلس"، مشيرًا إلى أنّ "هناك أيضًا الهيئات الرقابية من هيئة تفتيش مركزي و​ديوان المحاسبة​ وإدارة المناقصات. وهذه الهيئات لا تقوى إلّا على حالات الفساد الصغير، ولا تتمكّن جراء ضعفها من مكافحة الفساد، والمطلوب تطوير هذه الهيئات وكلّها واهنة وضعيفة".

ووجد مخيبر أنّ "المطلوب لا يقتصر على الإرادة السياسية، فهي إن توفرت تحتاج إلى الأدوات"، لافتًا إلى أنّ "رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وفرق عمله جديّون في مكافحة الفساد، لكنّهم لا يستطيعون أن يركنوا إلى أدوات فعّالة لهذه الغاية"، مركّزًا على أنّ "الخلاص يكون بتطبيق الخطة الاستراتيجية لمكافحة الفساد. الأمر صعب، إلّا أنّه ممكن إذا اتّصف بالاستمرارية. ولو خسرنا معارك، إلّا أنّ المثابرة بثبات قد تؤدّي إلى ربح الحرب ضدّ الطغمة السياسية والفاسدين الكبار".