بِجَدارةٍ اسْتَحقَّ رئيس الحُكومة الإِسرائيليَّة بِنْيامين نتانياهو لقب "إِمْبَراطور ​الفساد​"، وحامي صُقُورَه. ومِن الأَمْثِلة على ذَلِك حِماية نتانياهو المُثْقَل بِقضايا الفساد، والفائِحة مِنْه روائِحه المُزْكِمة للأُنوف، عُضو الكِنيست من "حزب اللِّيكود" دافيد بيتان، مِن شُبُهات فسادٍ خِلال فَتْرة وِلايته كَنائب رئيس بَلديَّة "ريشون لتسيون". وعلى غِرار نتانياهو الَّذي دَخَل "نادي الفَساد" مِن بابِه الواسِع مُصْطَحبًا مَعَه زَوْجته، فقد دخلَهُ بيتان أَيْضًا بِرِفْقة زَوْجَته حاجيت، المُتَّهمة في القضيَّة نفْسِها...

وكان بيتان اسْتَقال مِن "رِئاسة الائْتِلاف الحُكوميِّ"، على خَلْفيَّة قضايا الفَساد تِلْك... كما وأَبْلغ نتانياهو قرارَه، عازيًا خُطْوَته تلك، إِلى التَّحقيقات ضدَّه في قضايا الفَساد.

وتَشْتبه الشُّرْطة أَنَّ بيتان كان غارِقًا في دُيونٍ ماليَّةٍ كَبيرةٍ، وكان يُشْتَبه في أَنَّه يُساعِد في التَّشجيع والتَّرويج لِبَيْع الأَراضي إِلى رَجُل أَعْمالٍ في مُجَمَّعٍ ضَخْمٍ مِن ​البناء​ الَّذي مِن المُفْتَرض أَنْ "يُغيِّر وَجْه المَدينة"، بَيْد أَنَّ الشُّرْطة تَشْتَبه في أَنَّ رجُل الأَعْمال كان في الواقِع شَخْصًا وهْمِيًّا، يُمَثِّل عضوًا في أُسْرةٍ مُجْرِمةٍ، وقَد اعْتُقِل أَيْضًا في تِلْكَ القَضِيَّة وحُظِّر نَشْر اسْمِه...

كما وتَشْتَبه الشُّرْطَة، في أَنَّ جُزْءًا مِن أَمْوال الرَّشْوَة الَّتي حَصَل عَلَيْها بيتان، في قَضيَّة الفَساد في بلديَّة "ريشون لتسيون"، هَدَفَت إِلى تَغْطِية مَصاريف حَفْل زَواج ابْنَتِه، بِتَكْلِفةٍ وَصَلَت إِلى 260 أَلف شيكِل.

وكَذَلِك تَركَّز التَّحْقيق أَيْضًا على مُناقَصاتٍ لِأَعْمال حَفْرِيَّاتٍ في "ريشون لتسيون"، حَيْث يُشْتَبَه في تَحْويلِها إِلى مَصْلَحة مُقاوِلين. ودار الحَديث عَنْ رَجُل الأَعْمال درور غلزر المُشْتَبَه في تَقْديم رَشْوَةٍ بِقيمة 250 أَلْف شيكِل إِلى بيتان.

وغلزر مُشْتَبه بِه في قَضيَّةٍ غير مُرْتَبِطةٍ بِبلديَّة "ريشون لتسيون"، إِذْ يُشْتَبَه في أَنَّه تلقَّى المُساعَدَة مِن بيتان في ثلاثة مَشاريع في "تل أَبيب"، حَصَل بيتان في أَحَدِها، جنوب "تل أَبيب"، على مبلغ 150 أَلف شيكِل، كما وكان مِن المُفْتَرض أَنْ يَتلقَّى مبلغًا يَصِل إِلى مَليون شيكِل فَوْر صُدُور تَراخيص البِناء.

وإِلى هذه التَّفاصيل، أَضاف بيتان، في بَيانٍ لَه أَوْردته صحيفة "​تايمز​ أُوْف إِسرائيل" على مَوْقِعها الإِلكترونيِّ، إِنَّه طَلَب مِن نتانياهو، إِعْفاءَه مِن مَنْصِبه كَرَئيسٍ للائْتِلاف، مُضيفًا أَنَّ الوَضْع الرَّاهِن يُعيق أَداء عَمَله، حَيْثُ إِنَّه لا يُريد أَنْ يَقِفَ عَقَبَةً في طَريق الائْتِلاف في مُحاوَلَةِ التَّنْسيق بَيْن مُتَطَلِّبات مِهْنَتِه ومُتَطَلِّبات إِدارة فَريق دِفاعِه القانونيِّ. وفي المُحَصِّلة، قرَّر الائْتِلاف تَعْيين عُضو الكِنيسِت ديفيد أَمْسالم رئيسًا جَديدًا لَهُ، في حِين اسْتَمرَّ بيتان في الاضْطِلاع بِدوره كَعُضوٍ في مَجْلس النُّوَّاب الإِسرائيليِّ ليَحْتَفِظ بِذَلك بالحَصانَة البَرْلَمانيَّة.

غَيْر أَنَّ بيتان يَبْقى أَصْيلاً، فَهُو بِدوره يُعْتَبر مُدافِعًا شَرِسًا عَن نتانياهو، في وَجْه تَحْقيقاتِ الفَساد الَّتي يَخْضَع لها الأَخير، على رُغْم أَنَّ كِلَيْهما مُنْغَمِسٌ في أَوْحال الفَساد نَفْسِها...

إِنَّ الفاسِدين في إِسْرائيل، يَكيلون إِلى داخِل كيانِهِم، مِن "دِسْتِ الفَساد" الَّذي أَعدَّتْه الصُّهْيونيَّة العالَمِيَّة للعالَم بأَسْره، بأَدْيانه ومُفَكِّريه وعُلَمائِه والمُحْتَرَمين فيه!.

نتانياهو المُحَنَّك

لَكِنَّ كُلَّ آثامِ نتانياهو وحُلَفائِه والعامِلين مَعَه، عَرِفَ بِحِنْكَتِه كَيْف يَحْمي مَوْقِعَه السِّياسيَّ مِنْها، حتَّى الآن، إِذْ إِنَّه يَعْلم أَنَّ كُثُرًا مِن النَّاخِبين الإِسْرائيليِّين مُعْجَبون بِنَهْجه الَّذي يَضَعُ أَوْلَوِيَّةً للأَمْن على حِساب السِّياسَة. وهم يُدْرِكون أَيْضًا أَنَّ طَلاقَته في اللُّغَة الإِنكليزيَّة وخِبْرته المُمْتَدَّة على مدى عُقُودٍ مَنَحَتاه مَنْزِلةً دَوْلِيَّةً رَفِيعة لا يُمْكِن أَيَّ سِياسيٍّ إِسْرائيليٍّ مُنازَعَته عَلَيْها.

كما ويَحْظى نتانياهو بِعلاقَةٍ قَوِيَّةٍ مع الرَّئيس الأَميركيِّ ​دونالد ترامب​، الَّذي ظلَّ داعِمًا لِمُعارضة نتانياهو الاتِّفاق النَّووي مع إِيْران والَّذي كان جرى التَّفاوض في شَأْنِه في عَهْد الرَّئيس الأَميركيِّ السَّابق ​باراك أوباما​.

كَذَلك فقد رَحَّب كَثيرٌ مِن الإِسرائيليِّين بِقرارَي ترامب الاعتراف بالقُدْس "عاصِمةً لإِسْرائيل"، ونَقل السَّفارة الأَميركيَّة إِلَيْها، وهُما القَراران اللَّذان بدا فيهما نُفُوذ نتانياهو واضحًا... ولِكُلِّ ما سَبَق، لم يَكُن لِملفَّات الفَساد، حتَّى الآن، أَيُّ تَأْثيرٍ مَلْموسٍ على وَضْع نتانياهو السِّياسيِّ، وللحَديث صِلَة...