"نورما" هو إسم العاصفة التي فعلت فعلها في ​لبنان​، فإضافة الى كون كمية ​الامطار​ التي هطلت ساعدت في تفجّر الينابيع والأنهر وتغذية الأرض بالمياه، إلا أنها حملت معها خسائر كبيرة، أدت الى خسائر ضخمة في الممتلكات وحاصرت سيارات المواطنين على الطرقات الداخلية في البلدات وبعض الاوتوسترادات الدولية، ما استدعى تدخل فوج الانقاذ البحري في ​الدفاع المدني​ لانتشال المواطنين من على الطرقات. فهل هذا الأمر مقبولا؟!.

لم تحدث "نورما" صدفة ولا هي غير متوقعة، وما يحدث في لبنان وإن كان شتاءً عاديا لم نشهده منذ مدّة ولكنه لك يكن أكثر من عادي كون طبيعة لبنان ليست صحراوية ونتمتّع بفصول أربعة. وفي مشهد كالذي شهدناه خلال اليومين الماضيين، لم يدرك المرء الى من يلجأ والى من يحمّل المسؤولية، ل​وزارة الاشغال​ المسؤولة عن تنظيف المجاري على الطرقات الدوليّة؟! للبلديّات التي يقع على عاتقها إزالة ​النفايات​ وغيرها من المجاري للطرقات الداخلية؟! أم لمجلس الإنماء والأعمار؟!. وهنا اللافت أنه بعد الحرب اللبنانية صرفت ملايين الدولارات لصيانة البنى التحتية في لبنان، ورغم ذلك تتكرّر مشاهد الكوارث الطبيعيّة.

ما بين الأشغال والبلديات

مضحك مبكٍ المشهد الذي شهدته منطقة الضبيّة وطريق نهر الكلب والذي تشهده منطقة انطلياس، خصوصاً وأن الناس حوصرت في منازلها بعد أن غمرت المياه "الآسنة" الشوارع الداخليّة بكثافة.

في هذا السياق أشار المدير العام للطرق والمباني في وزارة الاشغال ​طانيوس بولس​ الى أن "مهمّة وزارة الاشغال تتركّز على تنظيف المجاري على الطرقات الدوليّة، أما مهمّة صيانة الداخلية منها فتعود للبلديات"، ولفت عبر "النشرة" الى أن " مجاري الصرف الصحّي ضيّقة وقد أنشئت منذ العام 1960، والمشكلة الأساس تكمن في كثافة المياه التي تهطل، كما أن مخلّفات الأعمال في الورش من حجارة وغيرها كلها تصل الى المجاري وتسدّها، وهذا ما حصل تحديداً على ساحل المتن في الضبيه ونهر الكلب حيث أن كميّة الامطار التي هطلت جرفت معها الاتربة من على طرقات المتن، ووصلت الى الاوتوستراد في الضبيّة وأقفلت العبّارات وهذا الامر إستغرق منّا وقتاً لتنظيف الأقنية ونعيد فتحها".

الشوارع عائمة بالمياه

الصورة نفسها التي كانت على الطرقات ظهرت أيضا في الشوارع الداخلية لبعض البلدات ومنها انطلياس التي غرقت بالمياه الآسنة المُلوّثة. "النشرة" حاولت الاتصال برئيس ​بلدية انطلياس​ ايلي أبو جودة ولكنها لم تلقَ جواباً، إلا أن مصادر أخرى أشارت الى أن "السبب الرئيسي لهذه المشكلة يقتصر على تلكّؤ البلديّات وعدم تنظيفها للمجاري والشوارع خصوصًا بعد تساقط الأمطار الّتي تجرف معها كل شيء حتى الاتربة ما يسبب بفيضانات".

دور الانماء والاعمار

أما رئيس مجلس الإنمار والإعمار ​نبيل الجسر​ فلخّص كل "ما حدث أنه بسبب كميات الامطار الكبيرة التي هطلت"، متسائلاً: "هل يجب أن نضع "أنابيب" عرضها من متر الى مترين وتتحمل كميات هائلة من الأمطار حتى لا تقفل الاوتوسترادات"؟، مضيفاً: "لا يجب أن نتحدث عن مشكلة في هندسة الطرقات أو مشكلة متعهدين، وإذا لم يكن السبب من كميّة الأمطار فليذهبوا ويبحثوا عن الأسباب".

لا شكّ بعد كل ما حدث بالأمس أن مسؤوليّة كبيرة تقع على عاتق البلديات الّتي نسيت مهمّتها الأساسيّة وبات شغلها الشاغل كيفيّة جمع الأموال وصرفها بغير أماكنها امّا على هدايا الأعياد او بسبب نشاط لأحد نواب المنطقة، وهذا لا يمنع أيّ مسؤوليّة عن الاشغال والإنماء والإعمار، ولكن الأهمّ أن مسؤولية أيضا تقع على عاتق المواطن الذي يرمي نفاياته على الطرقات دون أن يسأل، ولا شكّ أيضاً أن كمية المياه التي هطلت تؤكد أن لبنان غني بالمياه التي يمكننا الاستفادة منها عبر البحيرات أو عبر السدود، الّتي تزال تعرقلها أصحاب الأيادي السود الّتي تريد استمرار الفساد!.