اعتبر مسؤولين في وزارة الخارجية لـ"الاخبار" تعليقا على موقفٌ رئيس مجلس النواب نبيه برّي، الذي يعتبر أنّه "في غياب حكومة، ولأنّ لبنان يجب أن يكون علامة جمع وليس علامة طرح، ولكي لا تكون هذه القمة هزيلة، نرى وجوب تأجيلها"، مؤكداً "ضرورة مشاركة ​سوريا​ في مثل هذه القمة"، ان "تصريح بري حالة معزولة لها أسبابها الخاصة". ولكنّهم اعتبروا كلام برّي من خارج السياق، "لأنّ العمل جارٍ على قدم وساق لعقد القمة الاقتصادية، إن كان لناحية تحضير بعض المبادرات كإنشاء صندوق عربي للتعمير تستفيد منه كلّ ​الدول العربية​ المحتاجة، ويكون مركزه بيروت، ولناحية غياب أي بوادر عربية لتأجيلها". كلام رئيس ​المجلس النيابي​، في هذا التوقيت بالذات، يعود من منظار المسؤولين في "​قصر بسترس​" إلى سببين: الأول، اعتراض برّي على دعوة ​ليبيا​ إلى القمة، "وإرساله، قبل مدّة، مبعوثاً إلى ​القصر الجمهوري​ لإبلاغ موقفه، فأتاه الردّ بأنّ لبنان مُضطر إلى أن يدعو جميع الدول الأعضاء في ​الجامعة العربية​". أما السبب الثاني، "فقد يكون رغبةً من برّي في تصحيح علاقته مع سوريا، من بوابة القمة الاقتصادية. خاصة مع ما يُحكى عن وجود عتب من دمشق على موقف برّي الرمادي خلال السنوات الأولى للحرب السورية".

لا توافق مصادر فريق ​8 آذار​ على كلام "الخارجية"، لافتةً النظر إلى أنّ موقف البارحة ليس يتيماً، بل ترافق مع إعلان برّي قبل أيام أنّه لن يُشارك في أي اجتماع للاتحاد البرلماني العربي، إذا لم تكن سوريا حاضرة فيه. وتشرح المصادر أنّ "​سياسة​ لبنان الخارجية يُحدّدها مجلس الوزراء، وقد اتُّفق على النأي بالنفس". فإذا أراد البلد أن ينسجم مع موقفه، "عليه أيضاً أن ينأى بنفسه عن خلافات الدول العربية بين بعضها البعض، لا أن يأتي بها إلى لبنان ويُنظّمها على شكل قمّة. فليتصالح العرب بين بعضهم البعض، ويستعيدوا العلاقة مع سوريا، وبعدها نستقبلهم". تنطلق مصادر "8 آذار" من مبدأ الانسجام مع الذات، "نحن صوّتنا ضدّ قرار تعليق عضوية سوريا، ويوم أمس كان ​السفير السوري​ ​علي عبد الكريم علي​ في عداد السلك الدبلوماسي الذي استقبله ​الرئيس ميشال عون​، فلماذا لا تتمّ دعوة دمشق؟". أما في الردّ على ما يُحكى عن أنّ برّي يهدف من خلال موقفه إلى كسب ودّ الدولة السورية، فترى المصادر أنّه "حجّة غير منطقية". وتزيد ساخرةً بأنّه "إذا افترضنا أنّهم مُحقون، وأنّ برّي يُشدّد على دعوة سوريا إلى القمّة ليُبيّض صفحته معها، فهل هذا يعني أنّ علاقتهم هم (وزارة الخارجية) بسوريا جيدة؟ إذا كان الجواب نعم، فلماذا يُريدون إفسادها بعدم دعوة دمشق؟".

لا تُنكر مصادر "8 آذار"، أنّ المُشاركة الليبية في القمّة الاقتصادية، دفعت رئيس المجلس النيابي إلى إصدار هذا الموقف. "قضية الإمام المُغيب ​موسى الصدر​ ورفيقيه ​الشيخ محمد يعقوب​ والصحافي ​عباس بدر الدين​، لا تزال عالقة". وتقول إنّ "هذه القضية تمنع تطبيع العلاقات مع ليبيا. و​القضاء اللبناني​ عقد اتفاقاً مع القضاء الليبي للتعاون على كشف عملية الاختطاف، من دون أي تقدّم". انطلاقاً من هنا، لن يقبل برّي بحضور مسؤول ليبي إلى القمّة، خاصّة مع ما يُحكى عن أنّ المٌشاركة ستكون على مستوى رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السرّاج. ماذا لو لم يؤخَذ برأي برّي، وعُقدت القمّة؟ "فلننتظر تطورات الأيام المقبلة، ولكن التصريح لم يكن مُجرّد تسجيل موقف". العبارة الأخيرة التي تقولها المصادر المطلعة على موقف بري، تحمل في طياتها "تلويحاً" بخيارات إضافية، للاحتجاج على مشاركة وفد ليبي في القمة.