في مراحلها الأخيرة، أصبحت ​الحرب السورية​، والدليل أولاً، بمسارعة الدول العربية ولا سيما الخليجية الى إعادة فتح سفاراتها في دمشق، كل ذلك بهدف المشاركة عبر شركاتها بورشة إعادة الإعمار، وثانياً بإعادة ملف العودة عن قرار تجميد عضوية ​سوريا​ في ​جامعة الدول العربية​ الى طاولة المفاوضات. على رغم كل ذلك، لم ينتهِ ​لبنان​ بعد من ظاهرة تهريب السوريين الى الداخل اللبناني والتي نشطت كثيراً منذ أن إنطلقت الحرب السورية. وفي هذا السياق يسجّل للقوى الأمنية هذا الشتاء، عدم العثور، كما كان يحصل في السنوات السابقة، على جثثٍ لسوريين حاولوا الدخول الى لبنان خلسة عبر الجبال الحدودية في ​الصويري​ و​مجدل عنجر​، قبل أن يقتلهم صقيع ​الثلج​ والعواصف. غير أن ذلك لا يعني أبداً أن عمليات التهريب توقفت، لأن ما من أسبوع يمرّ من دون أن تلقي ​القوى الأمنية​ القبض على متورطين مع شبكات تهريب الأشخاص الى لبنان.

على هذا الصعيد يقول مسؤول أمني متابع للملف، إن " المشكلة في هذه القضية هو أن البعض في لبنان قرر ومنذ بدء الحرب السوريّة أن يمتهن مهنة تهريب السوريين من وإلى لبنان مقابل مبالغ مالية يتقاضاها منهم، اضافة الى أن ​الأجهزة الأمنية​، التي توقف بين الحين والآخر لبنانيين وسوريين بتهمة التورط بتهريب أشخاص من وإلى لبنان بطريقة غير شرعية، لا تتشدد على هذا الصعيد ولا تنفذ عمليّات دهم لإلقاء القبض على كبار المهربين وهم من أصحاب السوابق والهويّات المعروفة، لا سيّما في بلدتي مجدل عنجر والصويري". ويتابع المصدر عينه "ان الأشخاص الذين يجب توقيفهم هم كبار المهرّبين الذين يتعاونون مع مهربين في الداخل السوري لتأمين "الزبائن" لهم بوتيرة مستمرة من هناك، خصوصاً أن السعر الذي يتقاضاه المهرّب من السوري الذي يريد الدخول الى لبنان عبر معبر غير شرعي يصل أحياناً الى ١٥٠ دولاراً على الشخض الواحد، بينما السعر الذي يجب أن يدفعه الشخص المهرَّب من لبنان الى سوريا هو ٥٠ دولاراً فقط، وبالتالي يركّز المهرِّبون دائماً مع شبكاتهم في الداخل السوري على ضرورة تأمين "الزبائن" من سوريا، لكسب المزيد من الأموال.

اللافت في عدم تشدد الأجهزة الأمنية مع المهربين، هو أنّ عمليات التهريب هذه لا تحصل في ساعات الليل فقط بل في وضح النهار أيضاً ومن دون توقّف، ما يعني أن شبكات التهريب باتت تنشط طيلة ساعات النهار وبطريقة مكشوفة، كل ذلك لأنها على يقين بأن العيون الأمنية تراها ولا تعمد الى توقيفها. ففي أيّ وقت يمكن للكاميرا أن توثّق عبور السوريين المهرَّبين سيراً على الأقدام، للحدود اللبنانية-السورية الفالتة في أعالي بلدة الصويري البقاعية، أو في منطقة ​المصنع​ وتحديداً في المرتفعات المحاذية لنقطة ​الأمن العام​، حيث يعمد المهرِّبون الى إيصال السوريين المهرَّبين الى طريق غير مخصص للسيّارات يقع جغرافياً في الداخل اللبناني قبل نقطة الأمن العام، يتمّ تسليمهم هناك الى المهرِّب السوري الذي يرافقهم لساعات وساعات في الطرقات الوعرة للوصول الى منطقة ​جديدة يابوس​، وتحديداً الى نقطة تقع ما بعد حاجز الأمن العام السوري.

فهل تنتهي هذه الظاهرة مع إنتهاء المعارك الميدانيّة في سوريا أم أنّها أصبحت حالة مرضية نفسية لدى المهرّبين ومصدراً يجنون منه أموالهم؟!