على وقع السجالات والإتهامات حول القمّة العربيّة التنمويّة الإقتصاديّة الإجتماعيّة، كان لافتاً إعلان المدير العام للأمن العام ​اللواء عباس إبراهيم​ سحب يده من المبادرة الرئاسيّة، التي كان مكلفاً بها لمعالجة الأزمة الحكوميّة، حيث أكد أنه لم يعد معنياً بها لا من قريب ولا من بعيد، وبالتالي الرهان على عودتها إلى الواجهة، في بداية الاسبوع المقبل بعد الإنتهاء من القمّة، لم يعد وارداً.

في البداية، من الضروري التأكيد على أنّ الخلاف الأساسي، الذي أسقط المبادرة في اللحظات الأخيرة قبل الإعلان عن ​الولادة​ الحكوميّة في نهاية العام المنصرم، كان على موقع الوزير السنّي السادس، بعد الإتفاق على تسمية جواد عدرة، بالرغم من أن أغلب أعضاء "​اللقاء التشاوري​" لم يكونوا على إطّلاع على الإسم الذي من المفترض أن يمثّلهم.

في هذا السياق، تعود مصادر مواكبة لهذا الملف، عبر "النشرة"، إلى التأكيد بأن أصل الخلاف هو سني-سني، وبالتالي لا علاقة ل​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ أو "​التيار الوطني الحر​" به، نظراً إلى أنّ الهدف هو كسر الأحاديّة في التمثيل داخل هذه الطائفة، ما يعني أن المطلوب أن تتمّ المعالجة بين رئيس ​الحكومة​ المكلّف ​سعد الحريري​ والنواب السنّة المستقلين.

وتشير هذه المصادر إلى أن المبادرة التي كان قد تقدم بها رئيس الجمهوريّة كان هدفها تأمين ​تشكيل الحكومة​، أيّ المصلحة الوطنية، إلا أن البعض يُصر على وضع المشكلة عند عون، الأمر الذي لا يمكن القبول به، لا سيما لناحية القول أنّ الهدف هو منع فريقه السياسي من الحصول على الثلث الضامن، مع العلم أن عدد، الذي سيحصل عليه مع "التيار الوطني الحر" يعود إلى حجم التمثيل الذي لدى الأخير.

وتوضح المصادر نفسها أنّ العرف ينص على حصول رئيس الجمهورية على حصة وزارية من 4 أو 5 وزراء، في حين أن تطبيق المعيار، الذي حصل بموجبه حزب "القوات اللبنانية" على 4 وزراء، كان من المفترض أن يقود إلى أن تكون حصة التيّار 8 وزراء، بينما هي اليوم أقل من ذلك، وتضيف: "من هذا المنطلق لا يمكن مطالبته بتقديم المزيد من التنازلات".

على صعيد متصل، تلفت المصادر المواكبة لهذا الملف إلى أنّ الوزير السني في حصّة رئيس الجمهوريّة هو في الأصل وزير مسيحي، حيث حصل عليه نتيجة المبادلة مع رئيس الحكومة المكلف، وتؤكد أن ليس هناك أيّ مشكلة في العودة إلى الطرح السابق، الذي كان قد تقدم به وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة ​تصريف الأعمال​ ​جبران باسيل​، لناحية وقف المبادلة وإعادة الوزير السنّي إلى حصة الحريري، على أن يتولّى هو مسألة التوافق مع "اللقاء التشاوري" حول تمثيله.

من ناحية أخرى، تشير مصادر نيابية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، إلى أن سحب المبادرة الأخيرة من التداول يعود إلى رفض "التيار الوطني الحر" أن يكون تمثيل "اللقاء التشاوري" من حصّته، وتوضح أنّ موقف "​حزب الله​" من هذه المسألة واضح، حيث أكد من البداية أنه لا يعارض حصول التيار على أكثر من 11 وزيراً، وبالتالي المشكلة هي لدى رئيس الحكومة المكلف.

وفي حين تلفت هذه المصادر إلى توقّعات بعودة المشاورات والإتّصالات إلى الواجهة من جديد، خلال أيام، حيث ترجّح أن يكون هناك موقفاً حكومياً لرئيس الجمهورية بعد إنتهاء القمّة العربيّة، تعتبر أن سحب المبادرة يعود بشكل أساسي إلى أن التيّار وجد أن تمثيل "اللقاء التشاوري" سيكون على حسابه، بينما هو كان يريد أن تقود المبادرة إلى معالجة تمثيل النواب السنّة المستقلين دون المساس بالحصّة التي لديه.

وتوضح المصادر نفسها أنه من المستبعد أن يحمل الاسبوع المقبل أي جديد على هذا الصعيد، لا سيّما أن الحلول باتت مقفلة نتيجة توقّف المبادرة الأخيرة، بالإضافة إلى سفر رئيس الحكومة المكلف، يوم الثلاثاء المقبل، إلى دافوس، للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يعقد سنوياً هناك.

في المحصّلة، لا جديد على المستوى الحكومي لا بل يمكن القول أن الأمور عادت إلى الوراء، حيث من المنتظر أن تظهر مبادرة جديدة، في وقت قريب، إلا أن البعض يتوقع أن تدفع الخلافات التي سجّلت، في الأيام السابقة، بالعديد من الأفرقاء إلى التشدّد في مواقفهم أكثر.