لفتت مصادر وزارية ​لبنان​ية عبر صحيفة "الشرق الأوسط"، الى أن "​النظام السوري​ كان يتصرف انطلاقاً من أنه يحتفظ بالورقة اللبنانية بلا منازع، وأنه الأقدر على المجيء ببرلمان يتناغم مع طموحه في السيطرة على السلطة في لبنان، وأنه وحده الآمر الناهي في ​تشكيل الحكومة​"، مشيرة الى أنه "اليوم، فقد اختلفت الأمور، وبدأ الرئيس السوري ​بشار الأسد​ يكتشف أن ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ ليس كرئيس الجمهورية الأسبق ​إميل لحود​. وبالتالي، بات يفتقد إلى أدوات اللعبة في الداخل اللبناني التي كانت تعطيه حق الإمرة في القضايا ذات الشأنين الإقليمي والدولي، أو النطق بالنيابة عن لبنان في المحافل الدولية".

ورأت المصادر أن "النظام في ​سوريا​ لم يرق له إصرار ​الجامعة العربية​ على أن يستضيف لبنان، وفي ظل غياب سوريا، القمة الاقتصادية العربية، وأن يبادر الرئيس عون إلى إعطاء ​الضوء​ الأخضر للبدء في التحضير اللوجيستي والإداري لانعقادها"، مبينة أن "النظام السوري كان يراهن على مبادرة عون، بدعم من حلفائه، بطلب تأجيل انعقاد القمة، لأن تأجيلها يشكّل انتصاراً له، لكنه سرعان ما اكتشف أن رهانه لم يكن في محله، وأن إدارته للشأن اللبناني بكل تفاصيله من دمشق أصبحت من الماضي".

وأكدت المصادر أن "الرئيس عون الذي ينظر إليه "​التيار الوطني الحر​" على أنه "الرئيس القوي" لن يفرّط باستضافته للقمة الاقتصادية العربية، باعتبارها تشكل أول منبر عربي له منذ انتخابه رئيساً للجمهورية، يتوجّه من خلاله لمخاطبة أشقائه العرب"، موضحة أن "تصرف محازبي "​حركة أمل​"، ولو من دون قرار مركزي، برفض دعوة ​ليبيا​ لحضور القمة قبل أن تعلق اعتذارها عن الحضور، أدى إلى استحضار إشكالية بين الرئيس عون ورئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ ما زالت تداعياتها تتفاعل بصمت، والرئيس عون لم يكن مرتاحاً إلى أسلوب التعبير الذي قام به هؤلاء في رفضهم حضور ليبيا القمة".

وشددت على أن "قضية إخفاء السيد ​موسى الصدر​ هي قضية وطنية بامتياز، وكان من الأفضل أن يبادر من يعترض على حضور ليبيا إلى تنظيم اعتصام في أثناء انعقاد القمة، يتخلله إعداد مذكّرة تتعلق بهذه القضية، وتُسلّم إلى الرئيس عون، لافتة إلى أنها لا تؤيد الرأي القائل، في مجال تبرير تأجيل انعقاد القمة، "إنه من غير الجائز للبنان أن يستضيفها وحكومته مستقيلة"، معتبرة أن "هناك مبالغة في تقديم موقف النظام في سوريا من انعقادها على أنه انتصر"، وتعزو السبب إلى أنه لا قيمة لأي انتصار معنوي لدمشق، ما دام أن القمة انعقدت في ظل غيابها.

كما اعتبرت المصادر أن "بعض حلفاء سوريا أخطأوا عندما راهنوا على أن عون ليس ضد أن يبيع سوريا موقفاً خارجياً يمكنه أن يقبض ثمنه في الداخل، خصوصاً في تشكيل الحكومة ​الجديدة​ التي يصعب عليها أن ترى النور في المدى المنظور، إلا إذا حصلت معجزة سياسية. فالرئيس عون أظهر حتى الآن أنه ضد مقايضة أي أمر يتعلق ب​سياسة​ لبنان الخارجية بمواضيع داخلية يمكن أن ترتد عليه إيجابياً في مسألة تشكيل الحكومة التي ما زالت عالقة، ولا شيء يوحي بأن هناك قدرة في التغلب على التعقيدات التي تعيق ولادتها".