لم تنتهِ ذيول زيارة وكيل وزير ​الخارجية الأميركية​ للشؤون السياسية ​دايفيد هيل​ الى ​لبنان​ بعد، ومن المتوقع أن يمتدّ تأثيرها على الملفّات الأساسيّة في البلد وبالتحديد ملف تشكيل ​الحكومة​ الذي شهد بالساعات الماضية "إعادة تفعيل"، من ​بيت الوسط​. لم يتدخل هيل في التشكيل مباشرة ولكنه مرّ على الأمر من باب عدم تمكين ​حزب الله​ من تحقيق "أهدافه" من جهة، ومحاولة جرّ لبنان الى فريق محاصري ​إيران​ من جهة ثانية. فهل تؤثر الاستحقاقات الخارجيّة على ​تشكيل الحكومة​ في لبنان؟.

في منتصف الشهر المقبل تنوي ​الولايات المتحدة​ الاميركيّة عقد مؤتمر دولي في ​بولندا​ من أجل "الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة"، وهي تحاول شحذ الهمم لانجاح أهدافها، الأمر الذي من دون أدنى شك سينعكس سلبا على الاقليم حتى ولو لم يتقيّد ​اللبنانيون​ المحسوبون على ​اميركا​ بتوجيهات هيل الأخيرة.

لا يخفى على أحد قدرة الولايات المتحدة الأميركيّة على التأثير في المنطقة، ولا شك أن مصير لبنان لم يعد يخصّه وحده، انما يمكنه أن يخرج من المسألة بأقل الخسائر الممكنة، وذلك عبر تشكيل حكومة وحدة وطنيّة بأسرع وقت ممكن تدرس سبيلا واحدًا للمواجهة عبر ​سياسة​ "ألاّ يموت الديب ولا يفنى الغنم"، أي ألاّ يكون لبنان ضمن فريق محاصرة إيران وبنفس الوقت لا يكون ضمن فريق معاداة العرب.

في هذا السياق يتخوّف معنيّون بتشكيل الحكومة أن ينعكس الوضع الإقليمي الجديد على مواقف الأفرقاء المشاركين بمفاوضات تشكيل الحكومة، ولا سيما فريق ​8 آذار​ المنتمي لجبهة "الممانعة"، ليُضاف هذا التخوف الى القلق المتأتي من إمكانية تأثير اقتراب موعد صدور حكم المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان في قضية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق ​رفيق الحريري​ على آداء هذا الفريق في الملفّ الحكومي، الأمر الذي يربطه هؤلاء بما كانت قد أشارت إليه مصادر سياسيّة بتلويح بعض أعضاء "​اللقاء التشاوري​" بعودتهم للمطالبة بتوزير أحدهم وليس شخصيّة يسمّونها، ما يعني بالنسبة لهم أنّ هذا الأمر سيكون مؤشّرا واضحا بوجود قرار لدى المحور المحسوب على ​طهران​ بعدم تشكيل الحكومة ربطا بالتطورات في المنطقة.

ردا على هذه التساؤلات، تؤكّد مصادر سياسيّة في فريق 8 آذار أن التطورات الاقليميّة لم تعد محصورة بالسيّاسة، خصوصا بعد "إطلاق اليد الاسرائيليّة في ​سوريا​ من قبل الاميركي الذي يحاول تحضير الأرضيّة اللازمة لتكثيف الضغط على إيران، وسيحاول بطبيعة الحال إدخال لبنان في هذا الصراع"، مشيرة الى أن تأثر لبنان سياسيّا، كون الحديث عن تطورات عسكريّة قد لا يكون بمحلّه الآن، يتوقّف على قدرة حلفاء ​أميركا​ في الداخل على تكييف خياراتهم مع مصلحة لبنان التي لن تكون حتما مع الأميركي.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "كما في كل مرحلة يبني لبنانيون آمالهم على الوعود الاميركيّة، واليوم بنوها على مؤتمر "أوسلو" الذي للمناسبة قد لا يُعقد بسبب الضغط الأوروبي عليه لافشاله كون الفريق الأوروبي لا يريد الدفع بإيران الى خارج ​الاتفاق النووي​"، مشدّدة على أنّ هذا الأمر لن يمرّ، أما اذا اراد كل اللبنانيين النأي بأنفسهم عن مشاكل المنطقة فيمكن للحكومة أن تتشكل غدا، بمجرد إعطاء كل ذي حقّ حقه.

تتابع المصادر، "إن تشكيل الحكومة في لبنان هو ملف يكتسب أهمية كبيرة بالنسبة لنا، إلا أننا لم نعد نقبل بأن نعطى أقل مما نستحق كفريق سياسي، وبطبيعة الحال لن نتخلّى عن حلفائنا في "اللقاء التشاوري" قبل اعطائهم حقّهم"، لافتة النظر الى أن قيام البعض بربط موضوع تشكيل الحكومة بتوقعات حول الحكم في المحكمة الدوليّة الخاصة بلبنان، نحيله الى موقف حزب الله المعنيّ الاول بالقضية، والذي كرر فيه عدم اعترافه بالمحكمة وما يصدر عنها.

تزداد التحليلات حول ما يجري في ​الشرق الاوسط​، انطلاقا من قرار الانسحاب الاميركي من سوريا، ولكن لا تبدو الصورة واضحة بعد، وليس محسوما بالنسبة لأحد إن كان الفراغ الحكومي في لبنان سببه الإملاءات الخارجيّة، أو نتيجة لما جنته أيدي المسؤولين.