كان كل شيء يوحي بالجمود الحكومي. في الأيام الماضية تفرّغ البلد للقمة التنموية الاقتصادية العربية، التي فرضت لبنان مساحة استقرار، ونجحت بمقاييس عدّة، وجذبت اموالا من قطر، ثم من ​السعودية​. وفي معلومات خاصة بـ"النشرة"، فإن عواصم خليجيّة عقدت العزم على مؤازرة لبنان ماليّا، وعدم السماح بإهتزاز استقراره المالي، وشد أحزمته الإقتصاديّة. وقد وصلت رسائل خليجيّة لعدد من المسؤولين في لبنان تبلغهم فيها بوجوب تأليف حكومة سريعة، تجرّ من بعدها عمليّات الدعم المالي والمعنوي للبنان، وتشجّع السيّاحة الخليجيّة اليه، بعد فترة من منع السفر، لكن مرحلة الاعياد شهدت مجيء الخليجيين بأعداد مقبولة، ما شجّع السوّاح العرب الى اعادة الزخم للزيارات المتتالية الى ​بيروت​، في فصل شتاء عامر بالتزلج على الجبال اللبنانية. ولا تستبعد المصادر المطّلعة ان تكون المصالحات الضمنيّة بين دمشق و​دول الخليج​، قد ساهمت في النظر الى لبنان، بصفته البلد المجاور ل​سوريا​، الذي يشكّل باباً لكل بلاد الاقليم.

لذلك، شكّلت المعطيات حافزا للاندفاعة، التي رفدها رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ بتعاطٍ ايجابي، عكسه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال ​جبران باسيل​ لدى لقائه برئيس الحكومة المكلف ​سعد الحريري​. ويقوم التعاطي الايجابي على اساس تسهيل بعبدا لحلّ الوزير السنّي، على ان يكون واحدا من الثلاثة المطروحين من قبل "اللقاء التشاوري": حسن مراد، طه ناجي، وعثمان مجذوب. لكن الوزير العتيد سيبقى على مسافة واحدة بين اللقاء المذكور ورئيس الجمهورية، من خلال مشاركة الوزير المشار اليه بإجتماعات كتلة الرئيس.

لكن الامر لن يقتصر عند السيناريو المذكور. فلا يزال رئيس الحكومة المكلّف يسعى لاجراء تعديلات بسيطة في التوزيعة الحكوميّة، وتحديدا بشأن المقاعد المسيحيّة، ما يستوجب لقاءات للحريري مع باسيل ورئيس حزب القوات ​سمير جعجع​، او اجراء اتصالات معهما في حال تعذّرت اللقاءات لوجودهما خارج البلد.

اما بشأن حصة حركة "امل" بعد التنافس على حقيبة البيئة بينها وبين التيار "الوطني الحر"، فلا يبدو ان بري يتوقف عند هذا الامر، وهو كان تعاطى بإيجابية مع طرح الحريري بإستبدالها بحقيبة أخرى، لكن رئيس المجلس يرفض فقط أن تكون وزارة الاعلام من حصته، ولا يمانع بأي حقيبة اخرى، سواء كانت التنمية الادارية او الثقافة او الشباب والرياضة او الصناعة. علما ان الحزب "التقدمي الاشتراكي" يريد ان تكون الاخيرة من حصّته، وهو كان اصر عليها. ولا يبدو ان بري في وارد الدخول بتنافس مع حليفه "الاشتراكي" حول الصّناعة. ما يعزز فكرة ان تؤول احدى الحقائب الأخرى لحركة "أمل" بديلا من الإعلام. وبحسب المعلومات، فإن الحريري سيطرح فكرة اعادة الإعلام للقوات، لتؤول الثقافة للحركة، وهذا ما ترفضه معراب بشكل قاطع، بعد تجربة غير مشجّعة لها في الصنائع، حيث فشلت خطّتها بتعيين مجلس ادارة ل​تلفزيون لبنان​، نتيجة السباق مع "الوطني الحر"، ولا تريد تكرار تلك التجربة.

وعلى هذا الاساس، ستكون الايام القليلة المقبلة حافلة بالتواصل السياسي المفتوح. ولا يستبعد مطّلعون ان تكون الاطلالة التلفزيونيّة المرتقبة للأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ مساء السبت المقبل، جرى توقيتها مع الحلول المطروحة حكوميا، اضافة الى رغبة الحزب بإرسال رسائل سياسيّة عدة للاسرائيليين والأميركيين من جهة، ودحض كل الكلام عن تدهور صحة نصرالله من جهة اخرى.