أصبحت واضحة معالم الحرب الاقتصاديّة والماليّة التي تُخاض ضدّ ​لبنان​، خصوصًا عندما تكون اغلب التقارير القادمة من ​الصحافة​ الأجنبيّة كاذبة وغير دقيقة، كما أن أثر هذه الحرب يكبر شيئا فشيئا اقتصاديًّا، ليُضاف الى الخلل السياسي الذي يعانيه البلد، ما يجعل الضرر مضاعفا. يتحدث الاعلام الغربي فيتحرك الداخلي مرعوبا، وما الحديث عن انهيار مالي في لبنان الا إشاعات.

في تقريره الاخير الأسبوع الماضي رأى بنك "جي. بي. مورغان" الأميركي، وهو المصرف الاكبر والأضخم في ​الولايات المتحدة​ الاميركيّة "أن متطلبات التمويل الخارجيّة الضخمة في لبنان تثير مخاوف من ارتفاع احتمالات التخلّف عن سداد الديون السياديّة، لكن، رغم ذلك، نعتقد أن التخلف عن السداد مستبعد على مدار سنة إلى ثلاث سنوات، بسبب قاعدة المستثمر المستقرّة في البلد، وحجم الاحتياطات بالعملات الأجنبيّة، والدعم الخارجي المحتمل".

اذا، يؤكّد تقرير "جي بي مورغان" ما كنا قد تحدثنا عنه في "​النشرة​" سابقا عن عدم وجود لعوامل الإنهيار المالي والنقدي، الأمر الذي يشدد عليه أيضا الخبير الاقتصادي غازي وزني، مشيرا الى أن "الوضع النقدي في لبنان دقيق ولكنه بالمدى المنظور سيكون مستقرا، وهذا يستند لعوامل حقيقيّة أوّلها احتياطات ​مصرف لبنان​ بالعملات الأجنبيّة والتي تصل الى حوالي 40 مليار ​دولار​ قادرة على تلبية الالتزامات الخارجيّة التي تصل في عام 2019 الى حدود 4.3 مليار دولار، الأمر الذي أكّد عليه حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ مرارا.

ويضيف وزنة في حديث لـ"النشرة": "من العوامل الأخرى التي تجزم انعدام احتمال انهيار النقد، عدم خروج الودائع من مصرف لبنان، فقد كان هذا الخروج العام الماضي معقولا وطبيعيا ولم يتجاوز 2.5 بالمئة من إجمالي الودائع"، مشيرا الى أن عاملا إضافيا ينبغي التوقّف عنده ومتانة وقوّة ​القطاع المصرفي​، الذي لا يعاني انكشافًا على الخارج كما حصل مع القطاع المصرفي القبرصي الذي انكشف أمام الديون السياديّة ​اليونان​يّة.

ويشدّد وزنة على عدم إمكانيّة المقارنة بين لبنان واليونان، كون ديون الدولة الثانية كانت باكثر من 90 بالمئة منها خارجية وبالعملة الاجنبيّة، بينما في لبنان 77 بالمئة من الديون هي داخليّة.

يرى وزني أن كثرة الإشاعات التي انطلقت منذ سنوات تطرح تساؤلات عديدة أبرزها، هل هي للضغط على لبنان ودفعه للانهيار لعلاقة ما مع ملفّ ​النازحين السوريين​، أم هل يريدون تدمير وضعه النقدي على أبواب انطلاق الملفّ النفطي فيه، أم لأجل إبعاده عن لائحة الدول التي تتوجّه إليها الودائع، ام لأسباب سياسيّة على علاقة بوجود ​حزب الله​؟.

لا شكّ أن الدولة اللبنانيّة عليها واجب المواجهة، والتي تبدأ ب​تشكيل الحكومة​ أولا، وحلّ الأزمة السياسيّة التي يعتمد عليها تقرير "​موديز​" بشكل أساسي لتخفيض التصنيف، الأمر الي يفترض اولا تشكيل حكومة فعّالة، والقيام بعمليّات إصلاحيّة بالماليّة العامة لخفض العجز، وأخيرا على الدولة تحفيز النمو الاقتصادي المتردّي، وهذه العناصر تجعل من لبنان قادرا على مواجهة الإشاعات والحفاظ على مكتسبات مؤتمر "سيدر"، خصوصا أنّ بعض الدول تعتقد أن بإمكانها الحصول على مساعدات المؤتمر المذكور بحال لم يتمكّن لبنان من الإستفادة منها.