لفت وزير التربية والتعليم العالي الأسبق ​مروان حمادة​، خلال تسليمه مهام الوزارة لوزير التربية في الحكومة الجديدة ​أكرم شهيب​، إلى أنّه "شرف كبير لي أن أقوم اليوم بتسليم مهام ​وزارة التربية والتعليم العالي​ إلى أعزّ صديق يمكن أن يتسلّمها، وهو رفيق العمر ورفيق الدرب والنضال أكرم شهيب، الّذي تميّز على مدى عقود بحكمته وحنكته وشجاعته وولائه ل​لبنان​ الواحد وللعيش المشترك والمصالحة وكان من بناتها".

وركّز خلال لقاء جمع عائلة وزارة التربية بمديرياتها العامة للتربية وللتعليم المهني والتقني وللتعليم العالي و"​المركز التربوي للبحوث والإنماء​" والمستشارين والمسؤولين في الإدارة المركزية وفي المناطق التربوية، على أنّ "شهيب كان على مدى كلّ هذه الأيام مصلحًا تولّى وزارات عديدة وأبدع فيها"، منوّهًا إلى أنّ "السرور يغمرني لسبَبين: الأوّل أنّه شخصيًّا يتسلّم هذه الحقيبة الأساسية، لكي لا أقول السيادية مع أنّ سيادة الأجيال الجديدة في لبنان تفوق كل ّاعتبار، ولأنّها أيضًا المسؤولة عن المفصل الأساسي في مستقبل لبنان".

وأعرب حمادة عن أمله بأن "لا أطلق اليوم حكمًا على الحكومة، فأنتم تعرفون موقفنا من بعض الإشكالات الّتي رافقت تشكيلها ما قبل وخلال وما بعد، لكن ليس هنا المجال للبحث في هذا الأمر"، مشيرًا إلى أنّ "السرور الآخر هو تحرّري، ليس من هذه الوزارة الّتي أحببت كلّ فرد فيها وصولًا إلى آخر طفل في آخر مدرسة في لبنان، ولكن سروري هو في التحرّر من منظومة حكم أسرت البلد على مدى السنوات الماضية، وأتمنى ألّا تستمرّ بهذا النهج".

وتمنّى وحذّر "لأنّني واكبت أكثر من عشر وزارات وأكثر من خمسة عهود، وأعرف متى تقترب الأمور من الخط الأحمر بالنسبة للدستور وللميثاق ولإتفاق الطائف، ممّا ارتضيناه لندعم عيشنا المشترك. المهم أنّني تحرّرت اليوم وسأعود إلى المجلس النيابي وسأعمل من ضمن كتلتي النيابية ومع الكتل الحليفة الأخرى، وآمل أن تصبح كل الكتل حليفة".

وبيّن "أنّني جئت اليوم لأسلّم ملفات حساسة لِشهيب، وقد تحدّثنا عن شؤونها وشجونها وعن بعض القنابل الموقوتة الموجودة في كلّ الوزارات في لبنان، ولكن هناك فسحة أمل كبيرة أتمنّى من شهيب أن يوسّعها بكلّ نشاطه، وأن يعبّدها ويذهب بها إلى الأمام خصوصًا في حلمنا الكبير بأن يتمّ توفير التعليم للجميع مجانًا، وأن نعود ونلتقي مع الأهداف التربوية والثقافية الّتي رافقتنا منذ طفولتنا وحداثتنا، والّتي خطها المعلم الراحل ​كمال جنبلاط​ في البرنامج المرحلي للحركة الوطنية".

ونوّه حمادة إلى "أنّني أتصوّر أنّ كلّ ​الشعب اللبناني​ لديه الحنان ليس للحركة الوطنية أو من كان يشكّلها، ولكن للمبادئ الّتي كانت قد طرحتها"، لافتًا إلى أنّ "عائلة الوزارة زاخرة بالشخصيات الإدارية والإستشارية والتربوية والفكرية من أعلى المستويات، وسوف تكتشفون أهمية هذا الفريق". ودعا الجميع إلى "عدم القلق من عملية التسليم والتسلم، إذ أنّنا كلّنا نسلم لأمر واحد، وهو أنّ مستقبل لبنان يجب أن يعود واعدًا خصوًصا من خلال الأجيال الّتي أنتم مسؤولون عنها".

من جهته، شدّد شهيب على أنّ "مشواري مع حمادة طويل وزاخر بالنضال والحب والإحترام والتقدير للعمل المشترك على مدى سنوات. وإنّ حظّي كبير بأن أتسلّم هذه الوزارة من بعده، وأنا أقدّر عاليًا كلّ الدور الكبير الّذي قام به، وأشكره لما قام به خصوصًا في الظروف الصعبة لرفع مستوى التربية عمومًا ومستوى المدرسة الرسمية والمدرسة الخاصة و​الجامعة اللبنانية​، والحفاظ على حقوق المعلمين ورعاية الطلاب". وأعرب عن أمله بأن "نتمكّن من الإنتاج في هذه المرحلة، وأن لا نعطّل إلّا في الأوقات المحدّدة لكي نتمكّن من أن ننتج أكثر".

وأوضح "أنّنا من المدرسة السياسية نفسها الّتي احتضنت المدرسة الرسمية ودافعت عنها ووقفت إلى جانبها، كما دافعت عن الجامعة اللبنانية الّتي تحتضن كلّ أبناء هذا الشعب اللبناني، وهي في رأينا الجامعة الأهم وسنعمل للحفاظ على مستواها ودورها مع ​الجامعات​ الخاصة الموجودة الّتي تعطي البلاد أفضل الموارد البشرية"، مؤكّدًا أنّ "احتضان المدرسة الرسمية واجب علينا وسوف نستمرّ به ونحافظ على مستوى الشهادة اللبنانية، وقد تقدّمنا كـ"لقاء ديمقراطي" باقتراح قانون لجعل التعليم مجانيًّا بالكامل حتى المرحلة الثانوية والفنية، خصوصًا في هذه المرحلة الصعبة إجتماعيًّا على اللبنانيين".

وركّز على أنّ "الإدارة أمر أساسي، وبالتالي فإنّ المنطلق من هنا مركزيًّا ومن المناطق التربوية، إذ إنّ الإنتاجية تنطلق من الموظّف الّذي يعمل وينتج طوال فترة الدوام، على اعتبار أنّ الأهمية هي للإنتاج حتّى الساعة الثالثة وليس فقط البقاء حتّى هذه الساعة". وأفاد بـ"أنّنا ننتمي جميعًا إلى أحزاب سياسية أو أفكار سياسية، فلا يوجد أحد في هذه البلاد غير مسيّس، كما أنّنا ننتمي إلى مذاهب وطوائف متنوّعة وقد ولدنا فيها ولم تكن من اختيار أحد، لذا أتمنى على الجميع أن نترك كلّ أنواع الإنتماءات خارج باب الوزارة، وأن نعمل في الداخل من أجل التربية ومن أجل الوطن".

وأعلن شهيب "أنّني أتوجّه بالأمر نفسه إلى المعلمين في ​المدارس​، لكي يتركوا كّل انتماءاتهم خارج المدرسة وخارج الصفوف، وأن نعمل مع المعلمين من أجل بناء الوطن في أهم وزارة سيادية كما أراها وهي وزارة التربية". وتوجّه إلى ​التعليم المهني والتقني​ الّذي "سوف نركّز على دوره أيضًا في ​البيان الوزاري​"، مشيرًا إلى أنّه "الباب الأفضل للوصول إلى فرص العمل خصوصًا في ظلّ ارتفاع معدلات ​البطالة​ إلى ما يزيد عن 35 بالمئة، وأنّ منطقة الخليج وإفريقيا باتت لا توفر العدد الكافي لفرص العمل لخريجينا، لذا نرى أن التعليم المهني والتقني هو الملجأ الوحيد لشبابنا وسوف نعززه بصورة كبيرة جدًّا".