ما أعظم التاريخ، وما أعظم القادة التاريخيين الذين يحوِّلون بلدانهم إلى أوطان تاريخية، وما أعظم القادة الذين يحفظون أمانة القيادة.

كل ذلك يُختصر بدولة إسمها ​الإمارات العربية المتحدة​ منذ المؤسس الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيَّان، إلى رئيس البلاد الشيخ خليفة بن زايد، إلى ولي العهد الشيخ محمد بن زايد.

والتاريخ ليس من اليوم، ومن حدث زيارة ​البابا فرنسيس​ الى دولة الإمارات العربية المتحدة، بل منذ زيارة المؤسس الخالد الشيخ زايد إلى ​الفاتيكان​. كان ذلك في العام 1951، أي قبل 68 عاماً. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان يتوجه الى الفاتيكان عبر البحرين حيث يستقل طائرة الى باريس ومنها الى إيطاليا حيث زار الفاتيكان، وفي طريق العودة مرَّ في لبنان، وكان ذلك في عهد الرئيس ​بشارة الخوري​. وفي الفاتيكان التقى البابا "بيوس الثاني عشر" الذي استمر على رأس ​الكنيسة الكاثوليكية​ عشرين عاماً.

وقد أتى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه الى لبنان مرة ثانية وأخيرة عام 1969 في زيارة خص فيها صديق العمر ​سعيد فريحه​ بمنزله في دار الصياد في الحازمية وتناولا معاً طعام الغداء بحضور الرئيس الراحل رشيد كرامي والنائب السابق عثمان الدنا.

***

القادة الأبناء يُكملون طريق القائد المؤسس، ها هي الإمارات العربية المتحدة تستضيف بابا روما فرنسيس في أعظم حدث هو إعلان وثيقة "الأخوة الإنسانية"، التي تشكل الوثيقة الأهم في تاريخ العلاقة بين ​الأزهر​ الشريف وحاضرة الفاتيكان، كما تعد من أهم الوثائق في تاريخ العلاقة بين ​الإسلام​ و​المسيحية​.

التوقيع تم بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والشيخ محمد بن راشد حاكم دبي ومئات العلماء ورجال الدين من مسيحيين ومسلمين.

وبالأهمية ذاتها، وقع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على حجر أساس بناء جامع الإمام الطيب، شيخ الأزهر، وكنيسة البابا فرنسيس في ​أبوظبي​، وذلك في ختام لقاء الأخوة الإنسانية العالمي.

***

المحطات التاريخية جرى اغناؤها بكلام تاريخي سواء من البابا أو من شيخ الأزهر وقد تمحور حول عظمة الإمارات العربية المتحدة، قال البابا: "هنا، وخلال سنوات قليلة، وبفضل بُعد النظر والحكمة، تحوّلت الصحراء الى مكان مزدهر ومضياف، الصحراء التي كانت حاجزاً عسيراً ومنيعاً، صارت مكاناً للقاء بين الثقافات والديانات. لقد أزهرت الصحراء هنا، ليس فقط لأيام قليلة في السنة، انما لسنوات كثيرة في المستقبل. ان هذا البلد، الذي تعانق فيه الرمالُ ناطحات السحاب، يبقى تقاطعاً مهماً بين الشرق والغرب، بين شمال الأرض وجنوبها، يبقى مكاناً للنمو، حيث الفسحات، التي لم تكن مأهولة في السابق، تقدم اليوم فرص عمل لأشخاص من أمم مختلفة. وأرغب في التعبير عن تقديري لالتزام هذا البلد في الموافقة على حرية العبادة وضمانها، مواجهاً التطرف والكراهية".

***

كلمة شيخ الأزهر لم تكن أقل أهمية بل تعمقت في الشراكة المسيحية الإسلامية من خلال قوله: "لي كلمة أوجهها لإخوتي المسلمين في الشرق، وهي ان تستمروا في احتضان اخوتكم من المواطنين المسيحيين في كل مكان، فهم شركاؤنا في الوطن، ويجب علينا نحن المسلمين ألا ننسى ان المسيحية احتضنت الإسلام، حين كان ديناً وليدا، وحمته من طغيان الوثنية والشرك، اللذين كانا يتطلعان الى اغتياله في مهده، وكلمة أخرى لإخوتي المسيحيين في الشرق: أنتم جزء من هذه الأمة، وأنتم مواطنون. ولستم أقلية، وأرجوكم ان تتخلصوا من ثقافة مصطلح الأقلية الكريه، فأنتم مواطنون كاملو الحقوق والواجبات".

***

وتتويج الزيارة كان في كاتدرائية القديس يوسف في أبوظبي ومنها الى مدينة زايد الرياضية حيث ترأس البابا فرنسيس القداس أمام مئات الآلاف من المؤمنين.

وكدليل اضافي على تسامح الإمارات العربية المتحدة، فقد لفت ان جميع الذين غابوا عن اعمالهم لحضور القداس، لم يُحتسب غيابهم يوم تعطيل بل يوم عمل.

***

عظيمة دولة الإمارات العربية المتحدة على كل المستويات.

ولا نغالي ان نقول ان ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يستحق ​جائزة نوبل​ العالمية للسلام للعام 2019 عن

وثيقة "الأخوة الإنسانية" وبث روح التسامح والمحبة والسعادة في دولة الإمارات العربية المتحدة.