لفت الأمين العام لـ"حزب الله" ​السيد حسن نصرالله​ في كلمة له بذكرى إنتصار الثورة ال​إيران​ية إلى "اننا نتوجه بالتحية والإكبار والسلام الى روح الامام السيد الخميني، صانع هذا الانتصار والقائد التاريخي لهذه الثورة لهذا الانجاز، والى أرواح الشهداء من الذين ثاروا معه وصمدوا معه، واستشهدوا أيام الثورة قبل الانتصار وبعد الانتصار ونهنئ الامام ​علي خامنئي​، والى المسؤوليين ال​ايران​يين والى شعب ايران ونبارك لهم عيدهم وانتصارهم الذي كان انتصارا للإسلام وللأمة ولكل معذبي ومظلومي هذا العالم".

وأشار إلى "أنني أعطي الاولوية لطبيعة المناسبة، وهي من الفرص القليلة التي قد يتاح لي فرصة بعض الحديث التفصيلي فيما يعني ​الثورة الاسلامية​، لا لنتحدث عن تاريخ بل لنصل الى الواقع الحالي الذي تمثل فيه ايران في موقعها بالمنطثة من اكبر العناوين للأحداث والتطورات، وتصنف الدول الاولى الاكثر تأثيرا في أحداث المنطقة، كما تم تصنيفها كدولة من بين 13 دولة مؤثرة في أحداث العالم، وحلت في المرتبة التاسعة"، لافتاً إلى "أننا نتحدث عن إيران والثورة، وعن منطقتنا ومستقبلنا في المنطقة وعن حقيقة المعركة الكبرى الدائرة في المنطقة".

وأفاد بأنه "للتذكير، كان يحكم ايران قبل الثورة نظام ملكي شاه شاهي، وكان شاه ايران يسمي نفسه ملك الملوك، والشاه محمد رضا بهلوي حكم ايران حكما ديكتاتوريا مستبدا، لابعادها عن الدين والاسلام وعن تاريخها وتراثها وجعلها دولة تابعة للولايت المتحدة، تنهب نفطها وتسيطر عليها وتديرها وكان هناك 60 ألف مستشار أميركي يديرون ايران، وكان خادما للسياسات الاميركية في المنطقة، وكان شرطي الخليج، ضمن علاقات استراتيجية كاملة مع ​اسرائيل​ وصولا الى تزويدها بالنفط مجانا"، مشيراً إلى أنه "في بداية الستينات خرج الخميني، الفقيه الكبير، وقائد استثنائي وشخصية مميزة وشجاعة، قلب لا يعرف الخوف وعزيمة لا تعرف الوهن، الامام الخميني كان يواكب ويخطط في ظل المرجعية السابقة السيد بروجردي، وكان يتابع الاحداث ويحضر للثورة ويحضر الطلاب وأنصاره ومشروعه ولم يتحرك ضمن ردة فعل، ووقت التحرك في وجه الشاه عندما كان ذاهبا لاقرار مشاريع تهدد اقتصاد ايران وسيؤدي للمزيد من العلاقة والتبعية لاميركا واسرائيل".

وأضاف السيد نصرالله: "هذه الثورة التي نحتفل اليوم بذكرى انتصارها بدأت برجل واحد، والتف حوله عدد من مراجع الدين والعلماء وطلاب الحوزة العلمية وشرائح واسعة من الشعب الايراني، وبدأت الثورة، في ميزة هذه الثورة وفي مضمونها قام لله وفي سبيل الله وبحسب الحسابات المادية والواقعية الطبيعية أن الامام ذاهب الى السجن أو النفي أو القتل، لكنه لم يعمل حسابا والثورة كانت لله وفي سبيل الله وطلبا للقرب من الله، ولم يكن يفكر بشيء من حسابات الدنيا ومال الدنيا وجاه الدنيا وطوال سنوات هذه الثورة تحملوا فيها العذاب والقتل والجازر والسجون والنفي والتهجير والقتل تحت التعذيب لكنهم لم يتراجعوا، والإمام في ثورته تحدث عن البعد العثقائدي والديني والاسلامي والسياسي والاستراتيجي والتبعية ل​أميركا​ وعلاقة الشاه بإسرائيل و​القضية الفلسطينية​، وعن الزراعة التي دمرها الشاه والقاضء الفاسد والإنفاق والهدر الذي لا مثيل له، عن الجوع والحرمان، تدمير الصناعة والتخلف والامية والمرض والفقر والجوع".

وتابع: "يمكن توصيف هذه الثورة بأنه ثورة اسلامية وقرآنية وأيمانية، وثورة ايرانية وطنية شعبية، وثورة شعب وليست انقلابا عسكريا، الشعب كله شارك بالثورة التغيرية الإًلاحية الاقتصادية، ثورة المحرومين والحفاة ومنهوبي الخيرات والمعذبين والمستضعفين، ويمكن أن تجمع لهذه الثورة كل الصفات. وتجمعت فيها كل الأبعاد"، مشيراً إلى أن "الأهم هو الثبات والصبر والتحمل، كان الوعد الإلاهي للمعذبين والمظلومين، الرافضين للعبودية والإحتلال، هؤلاء الصابرون الله وعدهم بالنصر ونصرهم في 11 شباط 1979".

وذكر السيد نصرالله بـ"انجازات الثورة وهي اسقاط نظام الشاه، اخراج أميركا من إيران بمستشاريها وشركاتها ومفسديها، اخراج اسرائيل من ايران وقطع العلاقات معها، الحصول على الإستقلال الحقيقي وهو كان العنوان الاول لهذه الثورة، وبعد 40 عاما لا زالت تحافظ عليه واليوم ايران من أوائل الدول المستقلة في المنطقة، وهي من الدول القليلة المستقلة حقا في العالم".

وأكد أن "ايران هي الدولة المستقلة اللاشرقية واللاغربية ولا شمالية ولا جنوبية، ارادتها وطنية، هذا أعظم انجاز تحققه ايران، الحفاظ على ايران بكل ما فيها، لا دمرت مصافي النفط ولا ابار النفط ولم تنهب مؤسسات الدولة ولا ​البنك المركزي​ ولا هدمت الكنائس ولا عوقبت الاقليات الدينة ولا مسوا بشيء مما تملكه ايران، حافظوا على كل شيء على أنه ملك الأمة وملك الناس ويجوز التصرف به، الحفاظ على الوحدة الوطنية بالرغم من كل الجهود الاميركية والغربية والبريطانية على تحريك القوميات العربية أو الكردية، حافظوا على الوحدة الوطنية، الصمود في وجه كل المؤامرات وفي وجه كل محاولات الإنتقام من فتن وقتل لكبار العلماء والوزراء والنواب وأئمة الجمعةن لكن الثورة صمدت وتجاوزت الصعوبات، وبدأت في بناء النظام الجديد الذي وعد به الامام على قاعدة السيادة الشعبية".

ولفت إلى أن "الشعب الذي يعبر عن سيادته بأشكال متنوعة منها الانتخابات والأستفتاء، فبدأوا بإقامة النظام الجديد على قاعدة السيادة الشعبية، الامام طالب بإستفتاء شعبي وشارك به الشعب الايراني بأغلبية ساحقة وتم التصويت للجمهورية الإٍسلامية ثم وضع الدستور وتم عرضه على إستفتاء شعبي وما زالت هذه السيادة العشبية حتى الان وما يزيد على 40 انتخاب، 12 انتخابات رئاسية، استفتاءات متعددة وانتخابات بلدية، لم تتوقف الانتخابات في ايران يوما من الايام حتى عندما صدام كان يقصفها، لم يمددوا لرئيس الجمهورية أو ​مجلس النواب​، الانتخابات في موعدها والتزام بالسيادة الشعبية وفرضت عليهم الحرب وصمدت ايران في الحرب وهذا الصمود لـ8 سنوات ضمن حرب كونية بقيادة أميركا والإتحاد السوفيتي ودول الخليج مع صدام والدول العربية بإستثناء سويا كانت مع صدام، وأعطي كل شيء حتى السلاح النووي وايران منعت من كل شيء، لكنها قاتلت برجالها ونسائها وصمدت وانتصرت واسقطت المؤامرة، ثم بدأت عملية الإعمار وتثبيت الاستقرار وقواعد الدولة وصولا الى التطور في الموقع الإقليمي، وهي لم تتخلى عن مسؤوليتها بإتجاه المنطقة ولا فلسطين ولا لبنان ولا سوريا ولا أفغانستان".

وأشار السيد نصرالله إلى أن "خلال 40 سنة ايران هي دولة الولي الفقيه، دولة القانون والدستور والسيادة الشعبية وعندما انتصرت الثورة عدد السكان كان 30 مليون اليوم هو حوالي 80 مليون وايران في زمن الشاه لا تملك أي مرتبة في انتاج العلم، اليوم تحتل المرتبة الاولى في المنطقة والسابعة في العالم في براءات الاختراع والمرتبة 16 في إنتاج العلم في العالم وعندما انتصرت الثورة كان هناك 232 جامعة ومؤسسة عليمة، والان هي أكثر من 3 آلاف وهناك اكثر من 200 استاذ ومفكر دولي، حاليا هناك 80 ألف أستاذ جامعي أما طلاب الجامعات فهم اليوم 4 ملايين وأكثر وقضي على الامية لدى البالغين بنسبة مئة في المئة، تم نشر مئة وسبعة ألاف كتاب خلال عام 2018 وهناك 8 آلاف إمرأة مؤلفة وكاتبة صناعة الدواء في السابق كانت تستورد 70 بالمئة من حاجاتها واليوم تصنع 97 بالمئة من حاجتها للدواء وتصدر الى الخارج وهي في المرتبة 11 عالميا في صناعة الدواء، وهي تحتل المرتبة الاولى في الشرق الاوسط في الألقاح والأمصال".

وأضاف: "لا نقول أنه لا يوجد مشاكل في ايران أو فقر، ويحق للشعب أن يكون له أحلام وهناك مشاكل بعضها بسبب العقوبات أو الخلافات الداخلية، لكن علينا أن نكون منصفين ونقدم صورة مختلفة وهذه دولة موجودة في غرب آسيا في الشرق الاوسط والعالم العربي والاصلامي الذي يستورد الاغلبية الساحقة من احتياجاته، ومشاركته وحضوره في التصنيع والتكنولوجيا وانتاج العلم محدود وهذا ما كان ليحصل لولا العمل الجهد الصبر التضحيات الانسجام والوحدة الوطنية وتضحيات المسؤولين، هذه نتيجة حصلت بالعمل والبحث والتعب وليس بالدعاء".

واعتبر أن "الثورة بانتصارها أحيت الدين وعودة الناس الى الدين وليس فقط الى الاسلام. إحياء الإٍلام وقدرة الإسلام على استنهاض الشعوب، احياء ثقة الشعوب بنفسها وبربها وبمعادلاتها الايمانية وقدرته على صنع الانتصار، من أعظم الانجازات الوقوف في وجه الهيمنة الاميركية بجد"، مشيراً إلى أن "الوقوف في وجه المشروع الصهيوني الذي وقع كامب ديفيد وخروج مصر من الجبهة العربية، فأعاد الانتصار التوازن الى منطقتنا ولم يشهد واقع المسلمين بمذاهبهم تقاربا وتعاونا على مدى التاريخ كما حصل بعد انتصار الثورة، اللقاء على الاهداف المشتركة، دعم حركات المقاومة والشعب الفلسيطيني ودعم محور المقاومة ودول المقاومة".

وتابع السيد نصرالله: "وصولا الى مواجهة فتنة الإرهاب والتكفير، أميركا بإعتراف الرئيس الاميركي دونالد ترامب صنعت تنظيم "داعش" الارهابي في العراق، الشعب العراقي والحكومة تحملت المسؤولية ولكن الظروف كانت صعبة جدا وسقطت المحافظات، تدخل أميركا السريع بجنرالاتها وضباطها وعلى رأٍسهم قاسم سليماني وبسلاحها ومدافعها، تصورا لو لم تكن ايران موجودة ولو كان الحاكم على شاكلة بهلوي وايضا في سوريا ومساندتها، ونحن قاتلنا لسنوات في سوريا والدعم كان من ايران تصورا لو أن الموجود في ايران من جماعة أميركا، أين كانت المنطقة ستكون؟".

وأشار إلى أن "ما يجري من 40 سنة الى الان يجب توصيف بطريقة صحيحة، اليوم أغلب وسائل اعلام تقدم صورة سوداء عن ايران وتسكت عن أبشع الانظمة والحكام الذين ينهبون شعوبهم والبعض يقول أن ما يجري في المنطقة حرب اسرائيلية ايرانية وهذا غير صحيح، أو صراع سعودي ايراني وهذا غير صحيح واسرائيل صراعها مع المنطقة والشعب الفلسطيني والشعوب العربية قبل انتصار الثورة الاسلامية منذ ما قبل 1948 وهذا ليس صراع سعودي ايراني وتوصيفه الدقيق حرب اميركية على الجمهورية الاسلامية في ايران والسعودية أداة في هذه الحرب، وبعض دول اخليج أدوات في هذه الحرب".

وقال: "الذين يحاربون ايران بالاعلام وال​سياسة​ والعقوبات والتخريب والتكفير ينفذون مشروع أميركي فقط وولي العهد السعودي محمد بن سلمان اعترف أن أميركا طلبت من السعودية أن تنشر الوهابية في العالم واليوم لدينا نموذج ايران ونموذج آخر"، متسائلا: "لماذا اصرار على قول تنظيم الدولة الاسلامية ونحن نقول "داعش"، لماذا الاصرار على هذه التسمية؟".

وأشار إلى أنه "طُلب من السعودية ترويج ثقافة الدولة الاسلامية التابعة لداعش. السعودية وغيرها أدوات في الحرب الاميركية، لماذا أميركا مصرة على حرب ايران؟ وذلك لسببين، الاول أن ايران دولة مستقلة سيدة صاحبة قرارها وتملك نفطها وغازها وحديدها وكل معادنها وثروتها البشرية والمادية ولا تخضع للاميركي وتعمل لمصلحة شعبها، أميركا لا تتحمل ذلك، هل أميركا في فنزويلا من أجل الديمقراطية أو من أجل أكبر احتياطات النفط؟ أما السبب الثاني هو موقع ايران الاقليمي ووقوفها الى جانب المظلومين وموقفها في موضوع القدس والمقدسات، قد يتخلى كل العالم عن فلسطين لكن ايران لن تتخلى عن القدس والمقدسات وايران تدعم "حزب الله" وحماس والجهاد الاسلامي وتدخلت في سوريا والعراق لذلك أميركا تضغط عليها".

وأكد أن "هذه الحرب على ايران ستستمر حتى تتراجع أميركا كما انهزمت منذ الـ1979 الى اليوم وايران ستبقى تدعم شعوب وحركات المنطقة وهذا ينطلق من ايمانها الديني وعمقها الاخلاقي وحضارتها وتاريخها ونحن نرى أن الصراع في المنطقة سيبقى قائما وقد يأخذ أشكالا مختلفة، لكن ايران أٌو أي دولة في المنطقة ومحور المقاومة اليوم أقوى من اي زمن مضى رغم ما جرى، واميركا الى مزيد من الانسحاب من المنطقة واسرائيل الى مزيد من الخوف".

وشدد على أن "امكانية قيام اسرائيل بحرب على ايران انتهى منذ زمن، وايران قوية في ايران وفي المنطقة وعندما تشن عليها الحرب لن تكون لوحدها لأن مصير منطقتنا مرتبطا بوجود هذا النظام الاسلامي والحرب الاميركية على ايران ليست نزهة وليس أمامهم الا العقوبات".

وأكد أن "ايران جاهزة لان تعطي وتقدم مما لديها من نفط وكهرباء وصناعات وغيرها"، مشيراً إلى أن "ايران لديها حل للكهرباء في لبنان بطريقة اسهل من "شم الهوا"، متسائلا: "هل تجروء الحكومة اللبنانية على القبول بالعروضات الايرانية؟ لماذا لبنان يبقى خائفا وقلقا وفي الموضوع العسكري لو اسقطنا طائرة اسرائيلية في السماء اللبنانية ألن تقوم قيامة الناس" أن "حزب الله" يجر لبنان الى الحرب وانا صديق لايران ومستعد أن أجلب دفاع جوي الى الجيش لمواجهة اسرائيل".

وقال السيد نصرالله: " نحن جماعة ولاية الفقيه هذه مفخرة لنا وأنا الولي الفقيه لم يطلب مني شيئ يوماً، ولا من "حزب الله" ونحن حزب لبناني وايران صنعت منا شريكا لها في المنطقة".