ماذا ينتظر الاقليم؟ سؤال لم يحظ بجواب شاف عند أحد. بسبب الارباك الذي يسود في عواصم القرار. فلا الأميركيون حدّدوا الأهداف النهائية عمّا اذا كانوا يريدون المواجهات او التسويات. فهم منقسمون بين رأيين: ​البيت الأبيض​ و"الدولة العميقة"، ولكل منهما رؤى متناقضة. ولا الأوروبيون رسموا سيناريوهات سياسية، بإستثناء مدّ الأيدي الى ​إيران​ لتحقيق مكاسب اقتصاديّة. كما ان الإيرانيين لم يسمحوا بكسر معادلة توازن النفوذ التي يفرضون فيها أنفسهم في طليعة الأرقام الصعبة في المنطقة. امّا الروس فلم يتفرّجوا على تقدّم خصومهم، لكنهم حصروا اهتماماتهم ب​سوريا​، وبتقوية العلاقات مع طهران وانقره، في وقت تحاول فيه ​اسرائيل​ دفع الروس الى مواجهة مع ال​ايران​يين و"​حزب الله​"، او على الأقل الضغط على موسكو لتنحيف النفوذ الايراني داخل سوريا.

بالمحصلة، لا يوجد قرار واضح عند أي عاصمة، لتحديد المسار. الكل يتفرج بعد وضع يده على الزناد، والاكتفاء بالترقب. من يبدأ اولا؟ التسوية ام الحرب؟ لا أحد يجزم بما يمكن توقّعه.

للدلالة على الضياع، لم يتّخذ العرب قرارهم المرتقب بشأن فتح صفحة جديدة مع دمشق، رغم الاندفاعة الخليجية نحو سوريا التي فرملتها "الدولة الأميركية الحاكمة". بينما عاد الكرد لطرق باب المطالبة بحكم ذاتي، لا مكان له على الأرض السوريّة. والأتراك تحدثوا عن سعي لفرض منطقة آمنة في شمال سوريا، لكنهم ألمحوا الى وجود تنسيق مع دمشق، بإشارة الرئيس التركي ​رجب طيب اردوغان​ الى التواصل القائم بين الاستخبارات بين دمشق وأنقره.

اما الإسرائيليون التائهون قبل تحديد خياراتهم في انتخاباتهم المقبلة، فلم يحددوا طبيعة السياسة التي ستنتهجها تل ابيب في المرحلة اللاحقة. وبحسب إستطلاعات الرأي التي نظّمتها صحيفة "هآرتس" العبرية،

فإن نصف الاسرائيليين لا يريدون بنيامين نتانياهو رئيسا للحكومة. هذا الأمر مقلق لنتانياهو، رغم أنّ نصف الاسرائيليين فقط، يريدون ازاحته، بينما الباقي يؤيد سياسته العدوانية.

واذا كانت المواجهات مستبعدة بشكل شامل، فإنّ الساحة العراقيّة تبدو الأكثر خصوبة، في الاشتباك الايراني-الأميركي، وقد بدأت تتظهّر المؤشرات جرّاء حراك عسكري لافت.

المواجهة الأميركيّة-الإيرانيّة تهدّد العراق. فجاء قصف الطيران الاميركي مؤخراً لموقع إيراني-سوري عند منطقة البوكمال الحدوديّة إشارة الى استعداد ​واشنطن​ لمواجهة استباقية، على توقيت ساعة ​دونالد ترامب​، مع ايران في العراق. من هنا تتظهّر اهمية الاجتماع بين المسؤول الايراني ​قاسم سليماني​، ب​مقتدى الصدر​ في بيروت مؤخراً. فهل تكون الكلمة الفصل في العراق لجيش البلاد لضبط أيّ توترات؟ هناك من يراهن على ذلك، رغم تأثر بعض القيادات العراقية بالأميركيين.

كل ذلك، يشير الى امكانية تسلل الحرب. لكن ضمن مواجهات محدودة، كما في العراق، لعدم وجود رغبة اقليمية او دولية بالحروب المفتوحة.