قبل نهاية الاسبوع المقبل، من المفترض أن تكون حكومة ​سعد الحريري​ قد نالت ثقة المجلس النيابي، نظراً إلى أنها "مؤمنة" بسبب تمثيل أغلب الكتل النيابيّة على طاولة ​مجلس الوزراء​، وبالتالي ليس هناك ما يحول دون إنطلاقها في العمل خلال أيّام قليلة، لكن في المقابل تحتاج هذه الحكومة إلى نيل ثقة أخرى، مصدرها الرأي العام اللبناني الذي يراهن على قدرتها على تحقيق الكثير من الإنجازات، خصوصاً أنها تأتي بعد الإنتخابات النيابيّة الأولى على أساس النظام النسبي.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسيّة مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن الحكومة الجديدة تنتظرها تحدّيات جمّة على مستوى معالجة ملفات سياسيّة، أبرزها ​الكهرباء​ و​النفايات​ و​البطالة​ و​النازحين السوريين​، بالإضافة إلى الوضعين الإقتصادي والإجتماعي، في حين أنّ الملفات الخارجيّة، التي قد تكون ضاغطة في المرحلة المقبلة، لن تكون أساسيّة، نظراً إلى إدراك مختلف الأفرقاء المحليين عدم قدرتهم على التأثير بها، كما أن لبنان لا يزال ضمن معادلة الإستقرار الدولي القائمة منذ سنوات.

وتلفت هذه المصادر إلى أن هذا الواقع هو الذي يدفع معظم القوى الأساسية للتركيز على ضرورة التهدئة والإبتعاد عن السجالات السياسية، مقابل الإهتمام بالملفات الإقتصادية والإجتماعية الضاغطة، وهو ما ترجم عبر خطابات كل من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة سعد الحريري وأمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله، نظراً إلى أن هؤلاء يدركون حجم المسؤوليّة الفعلية التي ستكون على عاتق الحكومة الجديدة، والتي سيكون عليها التعامل معها بأسرع وقت ممكن.

من وجهة نظر المصادر نفسها، الأساس هو حصول توافق على معالجة هذه الملفات بين الكتل التي تتألف منها الحكومة، أيّ أن تكون فريق عمل واحد في التعاطي معها على عكس ما كان عليه الواقع في الحكومات السابقة، نظراً إلى أن هؤلاء ينطلقون من خلفيّات وحسابات مختلفة، بينما هي في حال لم تنجح في تجاوز هذا الأمر لن تنجح في إنجاز أيّ ملف، إلا أنّها تشدد على صعوبة الخروج من هذه المعادلة، لا سيما أن بعض الأفرقاء ينظرون إلى الحكومة على أساس أنها أداة للتحضير لاستحقاقات الإنتخابات المقبلة، سواء كانت الرئاسية أو النيابية.

على هذا الصعيد، تكشف المصادر السياسيّة المطلعة عن دعوات توجّه إلى عقد إجتماعات تنسيقيّة بين مختلف الأفرقاء، قبل نيل الحكومة الثقة، للإتفاق على آليّة العمل داخل مجلس الوزراء، خصوصاً أن الطريقة التي كانت تتمّ من خلالها إدارة البلاد في السنوات السابقة لا يمكن أن تستمر في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن معظم الأفرقاء يضعون الملفّات الداخلية على رأس قائمة أولويّاتهم اليوم، لكنها تشير إلى أنّ المعادلة باتت واضحة إلى حد بعيد.

وتلفت هذه المصادر إلى أن التحالفات الأساسية ستكون بين "​التيار الوطني الحر​" وتيار "المستقبل"، في مقابل تحالف آخر يضم كل من "​حركة أمل​" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​" وحزب "القوات اللبنانية" وتيار "المردة"، في حين أن السؤال الدائم سيبقى حول موقف "حزب الله"، الذي على ما يبدو سيعمد إلى التعامل مع كل ملف على حدى، وبالتالي يمكن القول أنه سيكون بمثابة "بيضة القبان"، وهو الدور الذي كان يفضله النائب السابق وليد جنبلاط، مع السعي إلى معالجة الخلافات التي قد تقع بين حلفائه في المحورين.

في المحصّلة، تجزم هذه المصادر بأن ليس هناك من إستراتيجيّة موحّدة في التعامل مع الملفات، رغم تشديد جميع الأفرقاء على السعي إلى ​مكافحة الفساد​، لكن في المقابل تشير إلى أن الأوضاع قد تكون صعبة على أكثر من صعيد، إلا أنّها ترى أن هذا الواقع قد يدفعهم إلى الذهاب نحو الخيارات العقلانيّة، نظراً إلى أن التداعيات السلبية ستنعكس على الجميع دون إستثناء.