اشارت "​الاخبار​" الى ان وزير الاتصالات السابق جمال الجرّاح، الذي أصدر قبل أسابيع من مغادرته ​وزارة الاتصالات​ قراراً يتعدّى فيه على صلاحيات ​مجلس الوزراء​، ويقضي بتجديد عقود تشغيل شبكتَي الخلوي المملوكتين من ​الدولة اللبنانية​. ولم يكتفِ الجرّاح بذلك، بل أدخل تعديلات جوهرية عليهما تنزع كامل صلاحياتهما وتحصرها بشخص وزير الاتصالات، ليصبح بحكم الممارسة والنصّ، المتحكّم الوحيد، من دون أي رقيب أو حسيب، بموارد هذا القطاع الذي يعدّ مصدر الإيرادات الثالث للدولة اللبنانية.

واوضحت انه نتيجة ذلك، لم تعد الشركتان مسؤولتين عن المصاريف، ولا تملكان أي قرار في إدارة القطاع، وبالتالي لا تقومان بأي مهمات تشغيلية، بل تحوّلتا بموافقتهما إلى مجرّد واجهة. وعلى الرغم من ذلك، يتم التجديد لهما دورياً، من دون إجراء أي مناقصة، لفترات تمتدّ من أشهر إلى سنة، وتُمنَحان رسماً ثابتاً بنحو 10 ملايين ​دولار​ لـ"زين" و7 ملايين دولار لـ"أوراسكوم"، فضلاً عن مبالغ أخرى بوصفها أرباحاً مُستحقّة متأتية من المشاريع الملزّمة. وتجدر الإشارة إلى أن موظفي "ألفا" و"تاتش" هم موظفون في الشركتين اللتين تملكهما (بصورة غير مباشرة)، الدولة اللبنانية، وليسوا موظفين في "أوراسكوم" و"زين" اللتين تكتفي كل منهما بتعيين مدير تنفيذي لكل شركة. بمعنى أوضح، يمكن القول إن "أوراسكوم" و"زين" تتقاضيان نحو 17 مليون دولار سنوياً بدل أتعاب في مقابل عمل موظّف واحد في كل شركة.

وتفسّر المصادر القرارين بكونهما "الاعتراف الخطّي الأوّل لنهج مستمرّ منذ عام 2012 وقائم على الهدر والإنفاق في قطاع الخلوي غير المحكوم بأي مراقبة أو مساءلة، أي أنه اعتراف بعدم جدوى شركتَي تشغيل قطاع الخلوي وتحوّلهما إلى مجرّد غطاء لعمليات الإنفاق والصرف والتوظيف والمحسوبيات ومنح الامتيازات التي يتحكّم بها وزير الاتصالات منذ عام 2012". فضلاً عن تثبيت واقعة أن "الوزير هو القطاع بنفسه من دون وجود أي هيئة رقابية على الإنفاق الذي يتحكّم به، وإلغائه صلاحيات هيئة المالكين المفترض أنها هيئة تعمل لمصلحته وتقدّم له الاستشارات حول كيفية عمل القطاع، فيما موافقة الشركتين على القيام بهذا الدور أي التحوّل إلى واجهة لإخفاء الهدر، تكمن ببدلات الأتعاب المجّانية التي تتلقاهما من دون القيام بأي عمل فعلي، والأموال التي تحصل عليها بوصفها أرباحاً مستحقّة".