اشارت "الاخبار" الى انه "لا أحد في ​التيار الوطني الحر​ أو خارجه يُنكر أن تجربة إنشاء وزارة ل​مكافحة الفساد​ فشلت، ويُردّ ذلك لكونها كانت مجردة من الصلاحيات ومن دون هيكلية. يصعب هنا الرهان على اسم الوزارة فقط لصنع المعجزات. لذلك، بدأ منذ نحو ثلاثة أشهر البحث جدياً عن كيفية مكافحة الفساد "بطريقة فعالة للحصول على نتائج في أقرب وقت ممكن"، على حدّ وصف مسؤولين في التيار. يومها، اقترح مسؤولون في التيار اعتماد التجربة البولونية، عبر خلق جهاز لمكافحة الفساد. ترجمة ذلك لبنانياً يعني أن يجري التنسيق بين كل ​الأجهزة الأمنية​، التي تتضارب صلاحياتها في العادة وتتنافس في ما بينها، ما يعني سقوط الفكرة تلقائياً. الفكرة تبناها وزير الخارجية ​جبران باسيل​، ونقلها إلى رئيس الجمهورية. لماذا؟ تُجيب مصادر متابعة: "لأن ما يسمى المجلس الأعلى لمكافحة الفساد سيكون برئاسة ​الرئيس ميشال عون​ في بعبدا". ولفتت المصادر إلى أن "جهازاً مماثلاً يحتاج عادة إلى تعديل دستوري، ولكن اجتماع رؤساء الأجهزة (​الأمن العام​ و​الأمن الداخلي​ و​أمن الدولة​، إضافة إلى المدعين العامين و​التفتيش المركزي​ وكل الأجهزة الرقابية) شهرياً أو دورياً، برئاسة رئيس الجمهورية، لا يحتاج إلى ذلك".

واوضح المطلعون على ما يجري إن "الأجهزة تقوم باجتماعات غير رسمية منذ نحو شهرين، وهو ما أسهم بشكل جدي في تحقيق خرق في ملف ​أصحاب المولدات​، حيث تضافرت جهود ​وزارة الاقتصاد​ مع النيابة العامة والأمن الداخلي وأمن الدولة. في المقابل، كان يصعب إيجاد مواد قانونية تسمح بتوقيف المخالفين المفترضين، وهو ما استدعى طلب الرئيس عون إيجاد منافذ قانونية "لأن في شوكة لازم تنكسر". بدا واضحاً يومها أن تنسيق العمل بين الأجهزة، مع وضع خطة مسبقة وتوزيع المهام، أدى إلى تحقيق نتائج يراها التيار إيجابية في فترة قصيرة جداً. والهدف من المجلس الأعلى لمكافحة الفساد هو "وضع رؤساء الأجهزة الأمنية والقضائية والرقابية تحت الأمر الواقع، حيث سيجري توزيع مهام كل منها في الاجتماع الذي يعقده الرئيس عون، لينطلق العمل بعدها على ملف واحد كل شهر ريثما يتم إغلاقه نهائياً". أما الأعضاء فهم رؤساء الأجهزة الأمنية والرقابية المعنية، برئاسة رئيس الجمهورية.

مصادر ​القصر الجمهوري​ تتحدث عن "تفاؤل بما يمكن أن يحققه مجلس مماثل، خصوصاً أن العرقلات السابقة كانت تحصل من الأجهزة نفسها، ضمن خلافاتها في ما بينها، تحت عنوان المنافسة والنكايات. عموماً، وحتى الساعة، لم يحدد تاريخ لإطلاق العمل بالمجلس بشكل رسمي".