لم يدخل وزير الخارجية الإيراني ​محمد جواد ظريف​ خلال لقاءاته التي عقدها في لبنان بتفاصيل ما يمكن أن تقدّمه بلاده من مساعدات للحكومة اللبنانية على صعيد ​قطاع الكهرباء​ ولم يقدّم عرضاً لبناء معامل لتوليد الطاقة أم لإستجرار الكهرباء من إيران عبر سوريا.

المتابعون لهذا الملف يتحدثون عن عقبات عدة تجعل لبنان غير قادر على الإستفادة من المساعدات الإيرانية في قطاع الطاقة، منها ما هو متعلق ب​العقوبات الأميركية​ على إيران ومنها ما هو تقني بحت.

في الشق المتعلق بالعقوبات يروي المتابعون انه في العام ٢٠١٢، وتحديداً في عهد حكومة نجيب ميقاتي عرضت ايران على لبنان تركيب معمل لتوليد الكهرباء بقوة ٤٥٠ ميغاوات في ​الزهراني​. يومها إستشار ميقاتي حاكم ​مصرف لبنان​ رياض سلامه عما إذا كان لبنان قادراً في ظل العقوبات الأميركية على تحويل أموال لإيران مقابل تركيبها المعمل المذكور فكان جواب الحاكم إن الأمر غير وارد.

لم يصرف لبنان النظر عن العرض الإيراني في حينها فقط بسبب العقوبات، فميقاتي لم يكن متحمساً وقتذاك لقبول المساعدة الإيرانية في ظل عدم وجود توافق سياسي على طاولته الحكومية، هذا بالإضافة إلى أن اللجنة اللبنانية-الإيرانية المشتركة التي شكلت لدراسة التقنيات التي يشغل على أساسها المعمل موضع العرض تأكدت أن المعمل يعمل على الديزيل أويل ما يعني أن كلفة تشغيله ستكون أعلى على لبنان من كلفة تشغيل معمل يولد ​الطاقة الكهربائية​ عبر الفيول أويل الأقل كلفة.

في العقبات التقنيّة أيضاً يؤكد الخبراء في ​وزارة الطاقة​ أن مسألة إستجرار الكهرباء من إيران عبر سوريا لا تغطّي الكثير من حاجة لبنان والسبب أن ​الشبكة الكهربائية​ لا تحتمل إستجرار أكثر من ٢٧٦ ميغاوات كحد أقصى، امّا حاجة البلد لتأمين الكهرباء ٢٤ على ٢٤ ساعة، ومن دون أن نحتسب الطاقة التي تنتجها البواخر المستأجرة فاطمة غول وأورهان باي، فأصبحت تزيد عن ١٠٠٠ ميغاوات بفعل ​النزوح السوري​. كل ذلك من دون أن ننسى أن إستجرار الطاقة من ايران عبر سوريا يتطلب قراراً حكومياً واضحاً يحسم مسألة التنسيق مع السلطات السوريّة وهو غير متّخذ بعد.

في مقابل الحديث عن عقبات سياسيّة هناك في الحكومة وتحديداً في ​التيار الوطني الحر​ من يرى أن لبنان عليه أن يبحث عن صيغة تمكّنه من تخطّي العقوبات الأميركية على إيران لقبول أيّ عرض في الكهرباء أو غيرها من القطاعات، وهذا ما تفعله الدول الأوروبيّة وعلى رأسها ​فرنسا​ وذلك إنطلاقاً من أنّ ايران غير مصنّفة ضمن خانة العدو، ولأنّ مصلحة لبنان تقتضي التوصل إلى مثل هذه الصيغة بغض النظر عما تنصّ عليه العقوبات الأميركيّة على إيران.

إذاً كيف ستتعاطى الحكومة مع ملف كهذا؟ وهل سيحضر على طاولة ​مجلس الوزراء​ بعد نيل الحكومة الثقة؟ وفي حال طرح، هل سيؤدي إلى إنقسام سياسي يعيد المشهد إلى زمن فريقي ٨ و ١٤ آذار؟!.