ما أبسط أمرنا نحن الناس.

يكفي اتفاق حول المحارق، البلديات تؤمن الأماكن، إقرار من ​مجلس الانماء والاعمار​، والتلزيمات مقسمة الى متعهدين اتفق عليهم مسبقاً.

والنتيجة ربح سريع وموت سرطاني بالجملة.

***

ان قضية محارق النفايات هي من أخطر القضايا التي يجب ان لا يستكين أحد قبل وقفها: المعلومات تتحدث عن أكثر من محرقة بمعدل محرقة على الأقل في كل محافظة، ويجري توزيعها على شكل كوتا يستفيد منها من وقع الإختيار عليهم، لأن أرباح النفايات تفوق ارباح أي "بيزنس" آخر:

- فهناك ارباح استيراد المعدات، ومَن يراقب قيمتها الحقيقية؟

- وهناك عملية الحرق، فأين سيتم وضع المواد التي لا يعود بالإمكان حرقها، وهي رماد النفايات، والتي هي سموم خالصة يسبب تنشقها امراضًا لا شفاء منها.

***

إلى أين يريدون أن يُوصلونا في هذا البلد؟ لبنان بلد "الإشعاع والنور" فهل يريدونه ان يُصبِح بلد "المحارق المشعَّة"؟

وكأننا شعب بسيط الى حد "الهَبَلْ"؟ إلى أن نُصبح نتنفَّس هواء المحارق بعد أن ناضلنا لعقود وقرون لنتنشق هواء الحرية؟

برأيهم تستحق الناس كل هذا العقاب من أجلهم، فهل يُعقَل ان يدفع المواطن كل هذه ​الضرائب​ ليعيش على تنفس الهواء السام: من دخان معامل توليد الكهرباء ولا سيما منها ​معمل الذوق​، إلى انبعاثات ​مولدات الكهرباء​ إلى حرق النفايات، وصولًا إلى الكارثة الآتية المتمثلة في محارق النفايات؟

***

مع عودة تكوين السلطة التنفيذية وانطلاق عمل الحكومة، عادت كارثة محارق النفايات إلى الواجهة. فهل يتحوَّل لبنان إلى "جمهورية مسرطنة" بفعل محارق النفايات؟

السؤال ليس مبالغًا فيه على الإطلاق، فبعض دول العالم استغنت عن المحارق ولا سيما الجيل القديم منها، فهل يتم تفكيك هذه المعامل لتُصدّر إلى لبنان؟ فعلًا "مشكورون" لكن ليكن الموت سريعا وليس بطيئا ومؤلما مع أبشع أنواع ​السرطان​ التي تسببها محارقكم.

***

من حلول مؤقتة... الى دائمة

هل نسيتم مطامر النفايات في ​الكوستابرافا​ و​برج حمود​؟ كانت هذه المطامر حلولًا "مؤقتة" لكنها أصبحت أمراضًا "دائمة" فالإنبعاثات منها تصل إلى ​الحازمية​، فكيف سيكون الوضع إذا ما وصلنا إلى المحارق؟

وهل يعرف القيّمون أن اتجاه الهواء في لبنان هو من الغرب إلى الشرق بنسبة تفوق الـ 80 في المئة؟ فإذا كانت المحارق ستوضَع على السواحل فإن الهواء سينقل إنبعاثاتها الى الداخل بعمق سبعين كيلومترًا، ما يعني ان الإنبعاثات السامة والمضرة ستغطي معظم الأراضي اللبنانية على هذا العمق من الغرب في اتجاه الداخل.

ثم أين سيتم تركيب كل هذه المحارق؟ وداعا أهالي منطقة الكرنتينا، كما يتردد، فمن إنبعاثاتها ستغطي ​بيروت​ وصولًا الى ​المتن الشمالي​ وألف وداع لاهالي الحازمية، وقد تمتد في وادي ​نهر بيروت​ الى الأعالي.

***

لقد ثبت علميًا ان لا محارق من دون دخّان، وحتى ولو كانت "الفلاتر" متقدِّمة تكنولوجيًا، فإن نسبة الإنبعاثات ستبقى مرتفعة خصوصًا في غياب المراقبة والصيانة في لبنان، ومعمل الذوق الحراري أصدق برهان على ذلك، فأين الفلاتر في هذا المعمل؟

***

كما سها عن بال المسؤولين ان المحارق تحتاج إلى مواقع باردة كالدول في شمال ​الكرة الارضية​ لأنها تحتاج إلى درجة حرارة منخفضة، وهذا الشرط لا ينطبق في لبنان حيث تصل ​درجات الحرارة​ أحيانًا الى ما فوق الأربعين درجة، فكيف ستكون الروائح والانبعاثات في هذه الحال؟

***

الأهم من كل ذلك، مَن يثق بالجهات المنفِّذة في لبنان؟ دائمًا هناك عيوب حتى في شق الطرقات، فكيف إذا كان الأمر يتعلق بمعامل حرق النفايات؟

بصراحة إذا نحن قمنا بدراسة معمقة لنكتب للرأي العام، تقول الدراسات ان نسبة مرضى السرطان في لبنان منذ سنوات ارتفعت الى أكبر نسبة في محيط البحر الابيض المتوسط فكفى استهتارا بأرواحنا.

في المحصلة، أي كارثة تنتظر اللبنانيين؟ ألا يستدعي الأمر دق ناقوس الخطر من الآن.