عندما فتح وزراء ​القوات اللبنانية​ على طاولة ​مجلس الوزراء​ بالأمس معركة الدفاع عن إبقاء ​النازحين السوريين​ في لبنان منتقدين زيارة وزير الدولة لشؤون النازحين ​صالح الغريب​ الى ​سوريا​ ومواقف وزير الدفاع ​الياس بو صعب​ من مؤتمر ميونيخ، كان الرهان على مساندة واضحة لمواقفهم من رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ومن وزيري الحزب التقدمي الإشتراكي ​أكرم شهيب​ و​وائل أبو فاعور​. بالنسبة لوزيري الإشتراكي، كانت النية واضحة لتأييد زملائهم القواتيين، لكن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ رفع الجلسة ولم يعط الكلام لأي من الوزراء تجنباً لفتح سجال حكومي حول الملف السوري. وإذا كان شهيب وأبو فاعور قد منعا من الكلام بسبب قرار رئيس الجمهورية المفاجئ، فالمفاجأة الأكبر تمثلت بعدم تعليق الحريري على السجال، لا سلباً ولا إيجاباً، وهذا ما جعل وزراء القوات يطرحون أكثر من علامة إستفهام بعد إنتهاء الجلسة. وفي هذا السياق، تكشف المصادر الوزارية المتابعة أن الحريري وكما صمت بالأمس حيال ملف النزوح سيصمت في المرات القادمة، وهو على توافق تام مع رئيس الجمهورية حول ضرورة إعادة النازحين الى بلدهم، إنطلاقاً من عدة أسباب ومعايير، أبرزها أن الكثافة السكانية وصلت في لبنان الى ٦٠٠ شخص في الكيلومتر المربع الواحد، وهي كثافة يشهدها بعض دول العالم في المدن فقط لا على مساحة الوطن كما هو الحال في لبنان.

"لو لم يكن الحريري متوافقاً مع رئيس الجمهورية على تسريع ملف عودة النازحين الى سوريا وعلى التنسيق مع السلطات السورية" يقول أحد الوزراء، "لما وافق على إعطاء وزارة الدولة لشؤون النازحين التي كانت مع تيار المستقبل الى رئيس الجمهورية، ولكان إعترض على إسم الوزير الغريب لتوليها كون خلفيته السياسية الأرسلانية، تؤشر الى ما يمكن أن يقوم به من حوار مع السوريين، لتسريع عودة النازحين السوريين الى قراهم وبلداتهم، كل ذلك من دون إنتظار الحل السياسي في سوريا كما تسوّق له المنظمات الدولية وبعض الدول حتى". وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن الحريري أصبح يدرك تماماً حجم الخسائر التي تتكبدها الخزينة من جراء النزوح السوري أكان في قطاع الكهرباء، أو في البنى التحتية والبطالة وغيرها، كما أنه لم يعد قادراً على تحمّل ردات الفعل الشعبية ضد النازحين السوريين ومضاربتهم ليد العامل اللبناني. ردات فعل، تأتي بغالبيتها الساحقة من مناطق شعبية سنية كطرابلس وعكار والبقاع الغربي وعرسال وغيرها من المناطق، وهذا ما يريد الحريري إستيعابه عبر خطوات عملية يقوم بها الرئيس عون وفريقه، على قاعدة، لا يعترض فيها الحريري ولا يكون رأس حربة في الدفاع عنها.

بين عامي 2011 و2017 وصلت خسائر النزوح الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة على لبنان الى 46 مليار دولار أي ما يقارب 7.7 مليار دولار سنوياً!

وفي دراسة أجراها البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العام ٢٠١٧ يتبين أن العجز المباشر الناتج عن الخدمة الكهربائية للنازحين السوريين قد بلغ 323 مليون دولار!.

أرقام هي غيض من فيض ما يملكه عون عن تداعيات النزوح على لبنان، وما يناقشه مع الحريري قبل كل جلسة لمجلس الوزراء، لذلك لم ولن ينجر رئيس الحكومة وراء حملة وزراء القوات.