لفت راعي أبرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ​عصام يوحنا درويش​، خلال ترؤسه قداسًا احتفاليًّا في كنيست ​مار الياس​ المخلصية، بذكرى انتقال المكرّم الأب ​بشارة أبو مراد​ إلى السماء، إلى أنّ "الأب أبو مراد أبصر النور عندكم، في حارتكم، صار اسمه مرتبطًا بحيّ ورعية مار الياس المخلصية، لذلك أنتم معنيّون أكثر من غيركم باسمه ومحبّته وقداسته"، منوّهًا إلى أنّ "من خلال رعاية والديه شبّ على التقوى، وفي كنيسة الحارة تعلّم الصلاة وفيها سمع الرب يقول له: "اترك كل شيء وتعال اتبعني". من هنا تكمن أهمية التعاون بين الأهل والرعية".

وبيّن أنّ "في ​دير المخلص​، صقلته الصلاة ورأى في آباء الدير ورهبانه أيقونات مقدسة تشعّ نورًا وصفاءً وقداسة، فسار معهم على درب القداسة، فكان كملاك له قدمان يسير بهما على الأرض، لكنّ قلبه كان يحلّق في السماء"، موضحًا أنّ "من الدير، انطلق الأب أبو مراد للرسالة إلى ​دير القمر​ والودايا و​الشوف​ وصيدا، ليكون القنديل الّذي أضاء قلوب الناس وبدّد عتمتهم وجعلهم يرون ​المسيح​ يسير بينهم، من خلال تقواه وسيرة حياة لامست البطولة".

وركّز المطران درويش على أنّ "حياة الأب أبو مراد كانت دعوة للناس ليقتدوا به لأنّه هو اقتدى بالمسيح، تمامًا مثل بولس الرسول عندما دعا الناس الّذين بشّرهم ليقتدوا به، فقد كرّر هذا القول ثماني مرات في رسائله: "اقتدوا بي كما أنّي اقتدي بالمسيح".

وشدّد على "أنّنا نحن الشرقيّين نفهم جيّدًا معنى الاقتداء، فالطفل يقلّد أباه والتلميذ معلّمه، كما أنّ الآباء القدّيسين الشرقيّين تتلمذوا على يد آباء معلّمين، تعلّموا منهم طرقَ التقوى والقداسة، وساروا على خطى مرشدين روحيّين وفهموا منهم كلمة الله وتعاليم ​الكتاب المقدس​". وسأل "بمَ علينا أن نقتدي؟ يطلب بولس أن نقتدي بغيرته الرسولية، بعمله ومسلكه لأنّه بدوره يقتدي بالمسيح: "ليكُنْ فيكُم مِنَ الاستِعداداتِ ما هُوَ في المسيح يسوع".

وأفاد بـ"أنّنا نقتدي أيضًا بآبائنا القديسين، والأب أبو مراد بشارة واحدًا منهم"، مشيرًا إلى "أنّنا نقتدي أوّلًا بمحبّته للصلاة الّتي صارت جزءًا منه ومن حياته اليومية، ليست فقط فرضًا يصلّيه في ساعة معيّنة أو وقتًا يقضيه في الكنيسة". وفسّر أنّ "صلاة الأب بشارة صارت عنده حالة دائمة، لذلك كان بشوشًا، فرحًا، مرتاحًا ولطيفًا، لأنّ الصلاة جعلته يعيش في حضرة الله، ومن يعيش مع الله لا يمكن إلّا أن يكون طيبا مع أخوته البشر، ولا يمكن أن ترتفع الأيدي إلى الله والقلبُ بعيدٌ عن قلوب الناس الّذين هم صورة الله على الأرض".

وأكّد درويش "أنّنا نقتدي ثانيًا بتواضعه، فالتواضع هو الفضيلة الأهم والأكبر في الحياة الروحية والكنسية وفي العلاقات الإنسانية؛ إنّها فضيلة الطيّبين الّذين يسيرون باستقامة ويعيشون بفرح. أبونا بشارة هو المثال بتواضعه. ونقتدي ثالثًا بمحبّته للقريب ولا سيما للفقراء والمحتاجين"، منوّهًا إلى أنّ "الأب بشارة كان يحرم حاله من الأكل ليطعم الفقراء، والآباء الرهبان الّذين عاصروه سمّوه بعد وفاته بـ"شهيد الفقراء".

وأعلن "أنّنا نطلب اليوم ونصلّي ونبتهل، أن يرفع المخلص خادمه الأمين الأب بشارة أبو مراد إلى مرتبة القداسة لِنتّخِذَه مثال الكمال ولِتكبُرَ كنيستُنا بأمجاد قديسيها فيشهدَ العالم بأنّك أنت وحدك ينبوع القداسة".

وبعد القداس، توجّه الحضور إلى باحة الكنيسة حيث أُقيمت صلاة خاصّة وأُزيح الستار عن تمثال حجري للمكرّم الأب بشارة أبو مراد، بمشاركة رئيس "الكتلة الشعبية" ​ميريام سكاف​.