ليس خافيا على أحد أن ​حزب الله​ هو الحزب اللبناني، الوحيد على الأرجح، الذي يمارس المنضوون في صفوفه الانضباط الكلي. فمستويات الانضباط في الأحزاب الأخرى قد تختلف، الا انها لا تصل الى الحدود القصوى كما هي الحال في حزب الله حيث تتداخل الضوابط السياسية والحزبية مع تلك الدينية. الاسبوع الماضي أفيد عن اتخاذ قرار بتجميد كل الأنشطة النيابيّة والسياسيّة والحزبيّة والإعلاميّة للنائب ​نواف الموسوي​ لمدة سنة كاملة، الا أن قيادة الحزب لم تنف أو تؤكد الموضوع، وهي على الأرجح، وبحسب المعلومات، لن تقوم بذلك لاعتبارها ان ما يجري اجراءات حزبيّة داخليّة لا لزوم لوضع الرأي العام اللبناني في جوّها.

وتعتبر مصادر مطّلعة على الملفّ أنّ "الحديث عن قرار بوقف العمل النيابي للموسوي لعام كامل، مبالغ فيه"، لافتة الى أنّ "ما اتُخذ هو قرار باحتجابه اعلاميًّا وسياسيًّا لفترة، لم تحدّد بسنة، وذلك لأنه خرق قرارا استراتيجيا كبيرا لقيادة الحزب يقوم على التهدئة وعدم الدخول بسجالات مع أيّ طرف من الأطراف". وتضيف المصادر: "قيادة الحزب اعتبرت أنّ ما أدلى به الموسوي تسبب باذية أكبر للحزب منه للآخرين وبالتحديد لرئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ أو الكتائب والقوات، لذلك كان لا بد من اتخاذ اجراءات تكون بمثابة رادع لنواب أو قياديين آخرين، خاصة وأن الموسوي كان على اطّلاع على خطّة عمل الحزب للمرحلة المقبلة والّتي لا تحتمل أيّ أخطاء أو حتى هفوات".

وينكبّ حزب الله حاليًّا على محاولة اثبات نفسه في اللعبة السياسيّة الداخليّة بعد تفرّغه لها نتيجة هدوء الجبهات العسكريّة والامنيّة على حدٍّ سواء. وتقول مصادر مقربة منه انه "مطمئن تماما أن لا حرب مقبلة مع ​اسرائيل​ وبأنّ دوره في ​سوريا​ تراجع الى حدوده الدنيا، كما ان الوضع الامني ممسوك داخل لبنان الى حدّ كبير وبالتّالي لا يستدعي منه أيّ استنفار، وهي ثلاثة عوامل، تجعله ينكبّ على عمليّة البناء الداخلي والاصلاح، وهي عمليّة يطمح لخوضها منذ أكثر من 30 عاما".

ولتحقيق النجاح المرجوّ بالمعركة الداخليّة التي يخوضها الحزب، يتمسّك، وبحسب مصادر مقرّبة منه، بتوافر 3 شروط:

أولا، وقف السجالات السياسية لاقتناعه بعدم امكانية الانطلاق بعمليّة بناء داخليّة في ظل ايّ صراعٍ مستشرٍ، ما يستدعي منه تنظيم الخلافات وادارتها بروية.

ثانيا، انفتاحه على ايّ تحالف على القطعة مع أيّ فريق سياسي.

ثالثا، تجنب قدر الامكان خلق أعداء جدد له. ويعتبر الحزب أن ما أدلى به الموسوي ينسف الشروط الثلاثة، وهو ما استدعى المسارعة لاتخاذ اجراءات صارمة بحقه.

وتستغرب المصادر تصوير قيادة الحزب وكأنها تمارس بقرارها بحق الموسوي نوعا من الدكتاتوريّة، لافتة الى أنّ "من يتعاطى مع هذا الموضوع من هذا المنطلق، لا يملك أيّ خلفية عن العمل الحزبي، فاذا كان أي محازب يرفض موقفا معيّنا يمكن ان يناقشه في الغرف الحزبية المغلقة، لكن بعد اتخاذ القيادة قرارا نهائيا عليه الالتزام به والدفاع عنه علنًا، والا كان الحريّ به الخروج من الحزب لممارسة أيّ عمل نيابي او سياسي كمستقل وليس كنائب تابع ومحسوب على حزب معين".

وتُذكّر المصادر بأنّ رئيس حزب "الكتائب" الراحل ​بيار الجميل​ كان قد فصل الوزير والنائب السابق ​ادمون رزق​ من الحزب لخروجه في مرّة من المرّات عن القرار الحزبي من خلال عدم التزامه التصويت في اتجاه معين في المجلس النيابي. وتضيف، "الجميل بوقتها اتخذ قرار فصله قبل وصوله الى بيت الكتائب".

فهل قرار حزب الله الأخير بحق الموسوي صحي وطبيعي لضمان التماسك والنجاح الحزبي، أم أنه تعدّ على صلاحيّات الناخبين الذين أوصلوه الى الندوة البرلمانيّة باعتبار أنه يحق لهم وحدهم اسقاط الحصانة عنه او تعليق عمله النيابي؟!.