يردّد السياسيون الأميركيون كلاماً حول بساطة "صفقة القرن"، بمعنى السطحية التي تتحكم بالصفقة المذكورة. فمشروع النص لا يبدو انه يتضمّن تعقيدات سياسية، ولا صياغات قانونية، بحسب تسريبات أميركية-إسرائيلية. ولذلك، يقول صحافيون إسرائيليون أن "هناك سذاجة تلتقي مع هواة، في وصفة كارثية". المقصود هنا بالسذاجة هو راعي الصفقة أي الرئيس الاميركي ​دونالد ترامب​، وبالهواية صهره جاريد كوشنير، وبعض ال​اسرائيل​يين المقرّبين منه.

لا يوجد اي سياسي او مستشار او مفكّر او صحافي أو مستشرق في الادراة الأميركية شارك بصياغة الصفقة. ولم يسمح ترامب بأي دور ل​وزارة الخارجية الأميركية​ في إقتراح أي بند، ولا ل​مجلس الأمن​ القومي الأميركي بوضع لمسات خبرائه على مضمون النص. والأخطر ألاّ استشارة ولا رأي للسلطة الفلسطينية حول أيّ بند مطروح في مشروع الصفقة المذكورة.

بالمقابل، تشارك اسرائيل عبر رئيس حكومتها ​بنيامين نتانياهو​، وسفير ​تل ابيب​ ​واشنطن​ في الصياغة، والاطّلاع على كل إقتراح وبند، وكلمة، لتثبيت ما يناسب الاسرائيليين، ونسف ما لا توافق عليه ​تل أبيب​. ولذلك يرفض الفلسطينيون ما سيتم طرحه في الشكل قبل عرض المضمون.

يصمّم ترامب الصفقة بروحية "البيزنس"، أي إغراء الفلسطينيين بالأموال، والعمل، وحرية التنقّل، وتحسين المعيشة، وفكّ الحصار، مع سيادة محدودة جداً لتجميل الصفقة بعنصر سياسي. يعتقد الرئيس الأميركي أنّه يحاكي ​الشعب الفلسطيني​ لا السلطة، ولا الحركات السياسية، بتقديمات تصل الى ٢٥ مليار ​دولار​ كإستثمارات، يظن ان الجمهور الفلسطيني لن يستطيع مقاومتها، على قاعدة أن المهم هو التلويح للشعب بالاموال، بعد التهديد ضمنياً بوقف الدعم والمستحقات المالية، وافقار الفلسطينيين، في حال تمّ الرفض. لكن هل ينجح رهان ترامب وصهره؟.

يجزم الفلسطينيون أن عدم إشراك السلطة السياسية او أخذ رأيها، سيؤدي الى وأد الصفقة، لأن الشعب الفلسطيني لا يكترث لمغريات أميركية عابرة، يمكن لتل أبيب انهاءها في اي وقت، من دون ان تكترث لأي توقيع، أو تعهد، او قرار دولي، بل يمكن أن تستند الى حجج وذرائع وهمية للتنصل من كل التزام.

من ناحية ثانية، يسعى صهر ترامب للحصول على دعم عربي وتركي، لفرض قبول الفلسطينيين، أو ضمان عدم معارضتهم للصفقة، لكن تسريبات افادت عن عجز الأميركيين تحقيق مبتغاهم بالكامل، في تسويق المشروع. فما هو البديل عندها؟.

تنقل ​الصحافة​ العبرية عن مسؤول إسرائيلي قوله، انه "لا توجد لدى الأميركيين خطة بديلة، وفي حال رفضها فإنه لا توجد إجابة لدي أي أحد في ​الإدارة الأميركية​". ولكن تل ابيب لا تخفي تحضيرها لتضييق وحصار اقتصادي للضغط على الفلسطينيين، بينما يدرك الاسرائيليون أن أي ضغوطات ستؤدي الى اندلاع انتفاضة فلسطينيّة ضدهم، لن تتوقف عند حدود، لأنّ المعركة ستكون معركة حياة أو موت.