علمت صحيفة "الشرق الأوسط" من مصادر وزارية مواكبة للمباحثات التي أجراها المبعوث الفرنسي بيار دوكين في ​بيروت​ بأنه شدّد على أن تبادر الحكومة إلى إرسال إشارات إيجابية للمجتمع الدولي بأنها باقية على موقفها في التحضير لوضع تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر" على نار حامية، محذّراً في الوقت نفسه من الوقوع في "رفاهية" الانتظار التي تحرمه الإفادة من الفرصة الدولية التي أُعطيت له لمساعدته على النهوض من أزماته.

ولفتت المصادر إلى أن الإفادة من الحاضنة الدولية التي وفرها مؤتمر "سيدر" تشترط من الحكومة و​مجلس النواب​ بأن يكونا في خندق واحد لقطع الطريق على أي محاولة لإعاقة تلبية ما هو مطلوب منهما للانتقال ب​لبنان​ إلى بر الأمان الاقتصادي.

ورأت المصادر أن "من شروط الإسراع في وضع لبنان على سكة الإفادة من المشاريع التي لاحظها مؤتمر «سيدر» بناء لطلب حكومته، ترشيد الإنفاق والبدء في الإصلاحات المالية والإدارية ومكافحة الفساد ووقف الهدر وإبداء حسن النية في إدارة المال العام، وكشفت أن دوكين توصل في محادثاته في بيروت وتحديداً مع رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ إلى وضع آلية لتنفيذ المشاريع وتقويم الخطط المرسومة لها".

وذكرت المصادر أن "دوكين تفاهم مع الحريري على تشكيل لجنة تقنية مركزها بيروت تعقد اجتماعات دائمة كل شهر أو في خلال شهرين وترفع تقاريرها إلى هيئة دولية عليا مقرها ​باريس​ تقوم بتقويم ما نُفّذ، وأحياناً تتولى إدخال تعديلات على الاستراتيجية الموضوعة لضمان حسن تنفيذ هذه المشاريع"، مشيرة إلى أن "الهيئة العليا يمكن أن تجتمع في باريس على مستوى وزراء أو على مستوى رئيس الوزراء في حضور ممثلين عن الدول والمؤسسات المالية المانحة وأن اجتماعاتها ستُعقد سنوياً ويمكن أن تلتئم بصورة استثنائية إذا دعت الحاجة".

وكشفت أن هناك حاجة لإصدار دفعة من التشكيلات والتعيينات الإدارية تكون مؤهلة لمواكبة تنفيذ المشاريع وقالت إن تلزيم بعضها للقطاع الخاص سيخضع لتدقيق الدول والمؤسسات المانحة ما يعني استبعاد إشراك شركات يدور اللغط حولها وترتبط بطريقة أو بأخرى بـ "محور الممانعة".

وذكرت المصادر المواكبة أن "للبنان وضعية سياسية مميّزة لدى ​فرنسا​ التي تتحرك على خطين، الأول للحفاظ على الاستقرار فيه والثاني لدعمه بمشاريع اقتصادية وتنموية لما لها من دور في تحييده عن النزاعات الدائرة في المنطقة، وهذا لن يتحقق ما لم يتم تأمين شبكة أمان سياسية وأمنية تُجنِّب إقحامه في مغامرات عسكرية غير محسوبة النتائج".

وفي هذا السياق، رأت المصادر أن "عدم موافقة فرنسا على القرار البريطاني بعدم التمييز بين جناحي "​حزب الله​" العسكري والسياسي، يقوم على أن ​الحكومة الفرنسية​ تتطلع إلى عدم اللحاق بركب ال​سياسة​ الأميركية بوضع إيران ومن خلالها "حزب الله" على لائحة الإرهاب، وهي تحاول أن تحفظ لنفسها دوراً يتيح لها النأي ب​جنوب لبنان​ عما يدور الآن في ​سوريا​ من جراء استهداف ​إسرائيل​ من حين لآخر للمواقع التابعة لإيران والقوات المدعومة منها داخل الأراضي السورية"، مشيرة إلى أن "لفرنسا أسبابا موجبة تدفعها للاحتفاظ بسياسة متمايزة عن السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ومن أبرزها أن لديها قوات تعمل في نطاق القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، إضافة إلى أنها تنظر بقلق إلى خطورة ما يترتب على لبنان في حال جرّه إلى مغامرة عسكرية في الجنوب تُدخله في حرب مع إسرائيل قد تؤدي إلى تغيير في قواعد الاشتباك".