بعد مرور ما يقارب الاسبوعين على قرار ​المجلس الدستوري​ إبطال نيابة ​ديما جمالي​، لا يزال "التريّث" هو سيّد الموقف بالنسبة إلى مختلف الأفرقاء المعنيين بمعركة ​الانتخابات​ النيّابيّة الفرعيّة في ​طرابلس​، باستثناء تيار "المستقبل" الذي حسم قراره خلال ساعات، لناحية إعادة ترشيح جمالي عن المقعد السنّي الذي بات شاغراً.

على مدى الأيّام السابقة، نجح "المستقبل" في تجاوز العديد من المطبّات، أبرزها رغبة النائب محمد كبّارة في الإستقالة لترشيح نجله كريم، إلا أنّ التيار أقنعه بالتراجع عن هذه الخطوة، الّتي كانت جدّية، مقابل وعد بأن يكون نجله أحد أعضاء اللائحة "الزرقاء" في الإنتخابات المقبلة في العام 2022، بحسب ما تؤكّد مصادر مطّلعة مقرّبة من "المستقبل".

بالتزامن، تشير المصادر نفسها، عبر "النشرة"، إلى أنّ الأنباء التي برزت، في الساعات الماضية، عن إحتمال ترشّح رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ عن هذا المقعد، بدلاً من جمالي بعد فتح ملف الحسابات الماليّة، لم تكن جدّية، نظراً إلى أن السنيورة، من وجهة نظرها، لا يحتاج إلى أيّ حصانة نيابيّة، كما أن الذهاب إلى هذه الخطوة سيعني إقراراً بأنه "متورط" في ملف ما، الأمر الذي لا يمكن القبول به، بالرغم من إعترافها بأن هناك أجواء شعبيّة كانت تشجّع على مثل هذه الخطوة.

إنطلاقاً من ذلك، تؤكّد هذه المصادر أنّ جمالي هي المرشّحة الوحيدة لـ"المستقبل" في هذه المعركة، ومن غير الوارد التراجع عن هذا الخيار، خصوصاً بعد الإعلان عنه بشكل رسمي، في حين أنّ التحضير لها كان قد انطلق مباشرة بعد إعلان مجلس الدستوري عن قراره، مجدّدة التأكيد بأنه كان مسيساً، بغضّ النظر عن وجهة نظر الفريق الآخر منه، وتضيف: "ليس هناك أيّ خلاف داخل "المستقبل" على عكس ما يتمّ التداول به".

على الجهة المقابلة، لدى مصادر طرابلسيّة مطلعة على أجواء المعركة قراءة مختلفة، حيث تؤكد وجود إمكانية لحصول مواجهة غير محسومة النتائج، خصوصاً إذا ما أصرّ "المستقبل" على ترشيح جمالي، نظراً إلى وجود حالة إعتراضيّة واضحة على هذا الخيار، على إعتبار أن أداءها، في الأشهر الماضية، لم يكن على قدر التوقعات، إلا أنّها تجزم بأنّ حظوظ فرضيّة التراجع تلامس الصفر.

على صعيد متصل، تشير المصادر نفسها إلى أنّ "تريّث" رئيس الحكومة السابق ​نجيب ميقاتي​ يعود إلى رغبته في تغيير اسم مرشّحة "المستقبل" بشكل أساسي، لكنها تؤكد بأنه في حال لم ينجح في ذلك سيكون إلى جانب ​الحريري​ في معركته، خصوصاً أن التسوية بينهما، التي تلت المنافسة في الإنتخابات النيابيّة الأخيرة، لا تزال قائمة، وبالتّالي ليس هناك ما يستدعي الدخول في معركة مع "المستقبل" على مقعد كان ضمن حصّته.

وعلى الرغم من أنّ قوى الثامن من آذار قد تكون هي الفريق الأساسي المعني في هذه المعركة، خصوصاً أنها تعتبر أنّ قرار المجلس الدستوري كان مُجحفاً بحقها، لناحية عدم إعلان فوز المرشّح طه ناجي بعد إبطال نيابة جمالي، ترجح هذه المصادر أن تذهب قوى الثامن من آذار إلى إعلان إنسحابها من المواجهة، خصوصاً أنّها لا تملك القدرة على الفوز بها في ظل إعتماد النظام الأكثري ضمن دائرة طرابلس في المعركة الفرعيّة، وتعتبر أن هذا الخيار قد يكون الأفضل بالنسبة لها، إلا أنّ هذا لا يمنعها من التأكيد بأنّ فرضيّة المعركة تبقى قائمة.

من وجهة نظر المصادر الطرابلسيّة المطّلعة، سيكون السؤال الأساسي هو حول موقف الوزير الأسبق ​أشرف ريفي​، نظراً إلى أن الأخير لم يحسم موقفه بعد لناحية الدّخول في المواجهة من عدمه، بالرغم من المعلومات عن أنه كان سيحجم عن هذا الخيار فيما لو كان مرشّح "المستقبل" هو السنيورة، نظراً إلى العلاقة التي تجمعهما، إلا أنها تكشف عن فتح قنوات تواصل بين التيار وريفي، لا أحد يستطيع التكّهن بما قد تصل إليه قبل الرابع عشر من آذار الجاري، موعد إعلان ريفي عن خياره.

بالنسبة إلى هذه المصادر، بعد حسم ريفي خياره من الممكن الحديث عن ​تفاصيل​ المعركة بشكل أفضل، نظراً إلى أنه يملك القدرة على خوض المواجهة، لا سيما أن المرشّحة المنافسة لا تحظى بالدعم الكافي من القواعد الشعبيّة لتيّارها، وتضيف: "اليوم لا نعرف ما هي الأدوات التي قد يستخدمها ريفي في حال قرّر الترشح، لكن الأكيد أنّ "المستقبل" لا يستطيع ​النوم​ على حرير الفوز منذ الآن".

في المحصّلة، الإنتخابات الفرعيّة في طرابلس لا تزال تنتظر حسم مختلف القوى والشخصيّات مواقفها بشكل نهائي، حيث الجميع ينتظر ما قد يذهب إليه الفريق الآخر من خيارات، قبل أن يحين موعد المعركة المنتظرة.