بعد 19 عاما قرّر مدير عام ​وزارة المال​يّة آلان بيفاني التحدّث، مدافعا عن نفسه بوجه هجوم رئيس ​الحكومة​ الأسبق ​فؤاد السنيورة​ عليه، وترافق المؤتمر الصحافي لبيفاني مع جملة تساؤلات، حول التوقيت والسبب، والأهم ورود معلومات "ولو غير دقيقة" عن عدم رضى وزير المال ​علي حسن خليل​ عن هذه الإطلالة، كون الاخير لا يريد تسييس الملف ولا "شخصنة" المسألة.

ترى مصادر مطّلعة أن المدير العام ل​وزارة المالية​ ما كان ليذهب إلى عقد هذا المؤتمر لولا حصوله على الغطاء السياسي اللازم لذلك، والدليل هو حملة التضامن معه من قبل فريق أساسي في البلد، مشيرة الى أن هذا التضامن وصل الى حدّ اعتباره من قبل المحامي المقرّب من ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​، ​جوزيف أبو فاضل​، خطاً أحمر، في عودة إلى العبارة التي إستخدمها مفتي الجمهورية ​الشيخ عبد اللطيف دريان​، لدى حديثه عن رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة بعد لقائه رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ في ​السراي الحكومي​.

تكشف المصادر أن بيفاني لم يفكّر بالاستقالة من منصبه، لأنّ الأمر قد يُفسّر وكأنّه متورّط، ولكن هذا لا يعني أن كل ما تطرق إليه في مؤتمره الصحافي من ​تفاصيل​ في ملفّ الحسابات الماليّة جاءت بما يرضي وزير المال، لأنّ بعض هذه المعلومات قد تؤدي الى تسييس الملف، وهو الأمر الذي يحاول خليل جاهدا الابتعاد عنه بتوصية من رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ الذي كان واضحا عندما قال أنّ الملفّ أصبح بعهدة ​القضاء​، ولا يمكن لأحد من السياسيين أن يلعب دور القاضي.

"لم يمنح خليل الإذن لإطلالة بيفاني ولكنه لم يمنع ظهوره لكي لا تفسّر الأمور على غير حقيقتها"، تقول مصادر وزارة المال، مشيرة الى أن المسار السياسي للملفّ يحمي المرتكب لا يورطه. وتضيف: "نحن نريد سحب القضيّة من السجال المذهبي والسياسي وانتظار القضاء الذي لا يمكنه الا أن يحكم بالقضية، على أن يقوم ​مجلس النواب​ بواجبه، فإما تقول ​الكتل النيابية​ أنها تريد تسوية الملفّ ولملمته وعندها يصار الى اقتراح قانون والتصويت عليه، وإظهار حقيقة موقف كل كتلة من "​مكافحة الفساد​"، وإمّا يكون القرار بأنّ المرتكب يجب أن يُحاسب بغض النظر عن هويته وانتمائه، مشدّدة على ان المرتكبين من كل ​الطوائف​ وفي كل الوزارات.

لن تعلّق مصادر وزارة المال على محاولة البعض "نسب" إنجاز ملفّ الحسابات الماليّة لنفسه، مشيرة الى أن الوزير قام بعمله، وحبذا لو أن البقيّة من وزراء ومدراء قاموا بعملهم سابقا، عندها لم يكن من داعٍ للوزير الحالي أن يقوم بما قام به.

إنطلاقاً من ذلك، يمكن القول أنّ المواجهة انتقلت إلى مكان آخر، ولا يمكن الحسم كيف ستكون نتيجتها في الأيّام المقبلة، لا سيّما إذا ما كان هناك من قرار سياسي واضح بالإستمرار بهذا الملف حتى النهاية، خصوصاً أن السنيورة لا يمثل حالة لبنانيّة خاصة فقط، بل أيضاً لها إمتدادتها الإقليميّة والدوليّة.