حسنًا فعلت وزيرة الداخلية ​ريا الحسن​... "أول دخولها" قرارات أراحت المواطنين. مَن كان يجرؤ على اتخاذ قرار بإزالة العوائق وبلوكات الباطون من أمام المقرات واماكن السكن للمسؤولين؟ الوزيرة الحسن فعلتها، بدأت بنفسها فطلبت إزالة بلوكات الباطون من أمام مقر ​وزارة الداخلية​ ثم كرَّت السبحة، وبهذا الإجراء الجبَّار يكون ​لبنان​ قد أسقط "جمهورية البلوكات" التي كانت لها جدوى أمنية في مرحلة من المراحل، لكن هذه الجدوى انتفت من دون ان تُزال البلوكات، إلى أن جاءت الوزيرة الحسن وأزالتها.

ولكن، في مقابل "البلوكات"، مَن يُسقِط "جمهورية الألوان والحصانات" في البلد؟

ما إنْ يُشتبه بشخص حتى تبدأ الاصوات ترتفع عن أنه "خط أحمر" وبالتالي لا يمكن ملاحقته. هذه البدعة إذا ما استمرت وتم التمادي فيها، فإنها ستؤدي الى تفريغ الإصلاح من محتواه، فكل مرتكِّب يمكن ان يتمادى في ارتكاباته لأنه يعرف أنه في نهاية المطاف هناك مَن سيضع خطًا أحمر حول إسمه ليقول: هذا خطٌّ أحمر ممنوع الإقتراب منه.

إن "الخط الأحمر" حول أي مشتبه به، هو في حقيقة الأمر مخالفة قانونية لأنه تمرُّد على القانون وعصيان عليه، فحين يضع شخصٌ ما "خطًا احمر" فهو يعني بذلك أنه يمنع تنفيذ القانون، وعند ذلك ما الفرق بين المتواري عن الأنظار لأسباب قضائية، وبين مانع تطبيق القانون؟

هذه الحقيقة يجب ان يعرفها الرأي العام وكل مواطن لأنها احد الأسباب الرئيسية التي تعرقل تطبيق القانون، وعليه مَن يريد تطبيق القانون، يُفترض فيه الإعلان جهارًا عن إزالة الخطوط الحمر، تمامًا كإزالة "بلوكات الباطون".

عندها يمكن وبسهولة إلغاء لون آخر من قاموس ​السياسة​ اللبنانية وهو ​الضوء​ الأخضر، فماذا يعني ان يُقال: "أُعطي الضوء الأخضر لملاحقة فلان أو فلان"، فما هذه الهرطقة؟ ومَن له الحق في الأساس لأعطاء الضوء الأخضر أو لعدم إعطائه؟ هل يُدرِك المهرطقون ان مَن يتحدَّث عن إعطاء الضوء الأخضر هو الذي يحجبه في الأساس؟

السؤال هنا: متى تتوقف هذه العادات المشينة التي لا تعني سوى شيء واحد وهو الإمعان في إهانة القوانين؟

وهناك أيضًا "رفع الغطاء"، فمَن يضع الغطاء أصلًا لكي يرفعه؟

متى ستزول هذه العيوب من "الثقافة السياسية اللبنانية" ومن الأداء السياسي اللبناني الخاطئ؟

وضع خط أحمر، إعطاء الضوء الأخضر، رفع الغطاء، سحب البساط، كلها تعابير غير قانونية وغير دستورية، وإن دلت على شيء فعلى ان القوانين في لبنان غير مرعية الإجراء.

فهل يدرك المعنيون هذه الحقيقة قبل فوات الأوان؟