تغيّرت معالم العاصمة ​بيروت​ مع اشتداد وطأة المعارك في ​سوريا​ وتسلل ​الإرهاب​ الى ​لبنان​. ارتفعت العوائق والحواجز والمكعبات الاسمنتيّة، فباتت الشوارع الضيّقة أصلا، أكثر ضيقا، والمفارق التي كانت مهربا للسيارات من ازدحام السير، مقفلة. زال خطر الإرهاب، ولم تُرفع الحواجز، وتحديدا تلك المنصوبة في شوارع الضاحية الجنوبيّة، ويتقاسمها ​الجيش اللبناني​ وقوى ​الأمن الداخلي​ و​الأمن العام​.

فور تسلّم ريّا الحسن وزارة الداخليّة اتخذت قرار إزالة الحواجز والعوائق، وكان التجاوب مع واسعا، من رؤساء ووزراء ونواب ومقرّات أحزاب ووزارات ومديريّات أمنيّة، فماذا عن ​الضاحية الجنوبية​؟!

توضح مصادر أمنيّة عبر "النشرة" أن "وزارة الداخليّة والبلديّات عملت منذ استلام ​ريا الحسن​ الوزارة، على بحث وضع الضاحية الجنوبيّة الأمني مع الجهات المعنيّة، لتحقيق الهدف الأساسي بإزالة الحواجز الأمنيّة على مداخلها"، كاشفة أن المساعي توصّلت الى أن الوضع الحالي لا يسمح بإزالة ورفع كل الحواجز مرّة واحدة، بل يمكن العمل على هذا الأمر تدريجيًّا، والبدء من حواجز "الأمن العام" و"الأمن الداخلي".

تكشف المصادر أنّ المرحلة الاولى من الإزالة ستطال نصف العدد الموجود، وهنا الحديث طبعا عن حواجز "الأمن العام" و"​الامن الداخلي​" فقط، كما سيتم نقل بعض الحواجز، أي تغيير مكان تواجدها، مع الإشارة الى أن هذين الجهازين استلما مسؤولية مراقبة المفارق التي تؤدّي الى الضاحية وليس المداخل الأساسيّة التي وُضعت في عهدة الجيش اللبناني.

وتشير المصادر إلى أن حواجز الجيش ستبقى في مكانها حاليًّا، او حتى في المستقبل القريب، لافتة إلى أن "الحواجز الموجودة منذ شهر أيلول من العام 2013 لا يقتصر عملها فقط على منع دخول الإرهابيين الى الضاحية، فقد كان لها طوال الفترة الماضية دوراً مهماً في العديد من القضايا الأمنيّة"، كاشفة أن فتح المفارق التي تؤدي الى داخل الضاحية لا يعني تركها بلا مراقبة، ولكنها ستكون من نوع آخر لا داعي للكشف عنه.

من جهتها تؤكّد مصادر مطّلعة على شؤون الضاحية الجنوبية أن القيّمين على هذه المنطقة يعلمون حجم الانتقاد الشعبي لكل المظاهر الامنيّة، التي تسبب اختناقات سير مروريّة، وتعلم بأنّ سكان هذه المنطقة تحمّلوا ما لا يُطاق طوال السنوات الماضية، لذلك فإن إراحتهم باتت واجبة، مشدّدة في الوقت نفسه على أن هذا الامر لا يعني ترك الامور بلا رقابة، وتعريض كل ما تحقق من أمن في المرحلة الماضية الى الخطر.

ترفض هذه المصادر حصر مهام الحواجز، وتحديدا العائدة للجيش اللبناني، بالعمليّات الإرهابيّة، مشيرة إلى أن "عملها يتجاوز ذلك لإلقاء القبض على بعض المطلوبين والمخالفين، ولا يمكن لتقارير إعلاميّة أو غيرها تحديد نسبة المخاطر، لذلك لا يمكن القول بالشؤون الأمنيّة أن الخطر انخفض الى منسوب صفر". وتضيف: "من هنا يصبح من غير المنطق القول أن الحواجز لم تعد ضروريّة، حتى ولو سلّمنا جدلا بأن الحالة الآنية قادرة على تحمّل عبء تخفيف عدد الحواجز".

هذا بالنسبة الى الحواجز، اما بما يتعلق بالإجراءات الأمنيّة الأخرى في الضاحية كتلك المحيطة بأماكن دينيّة او سياسيّة، فتكشف المصادر أن إزالتها مرتبطة بأصل وجودها، فإذا انتفى السبب ستزال طبعا، وبالتالي لا يمكن القول بأن جميع البلوكات ستُزال بل ستتمّ دراسة كل موقع بموقعه، واتخاذ الإجراءات المناسبة والتي بدأت في عدد من المناطق.

"لم تدخل الدولة الى الضاحية لتخرج أو لنطلب منها الخروج"، تقول المصادر، مشيرة الى أن الهدف تسهيل حياة الناس، لا تعقيد الوضع الأمني. بعد سنوات من الحرب على الإرهاب أصبح لزاما التفكير بمصالح الناس، ولو أن الحذر يبقى واجبا للحفاظ على الاستقرار.