علمت صحيفة ​الشرق الأوسط​ من مصادر وزارية ونيابية مواكبة للأجواء التي سادت استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز، لرئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ في قصر اليمامة في ​الرياض​ بأن الذين التقوا الأخير فور عودته من المملكة العربية السعودية خرجوا بانطباع بأنه أعرب عن ارتياحه لهذا اللقاء الذي ستكون له نتائج إيجابية في دعم ​لبنان​ للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.

وكشف زوّار الحريري لـ"الشرق الأوسط" أنه سيتوجّه ثانيةً إلى الرياض في اليومين المقبلين ورجّحوا أن ينتقل إليها من ​بروكسل​ التي وصل إليها، أمس، على رأس وفد لتمثيل لبنان في المؤتمر السنوي الثالث للدول والمؤسسات المانحة المعنية بتوفير الدعم المالي للبنان لاستضافته أكثر من مليون نازح سوري. وأكد زوّار الحريري أن عودته ثانية إلى الرياض تأتي في سياق استكمال محادثاته المثمرة التي كان قد أجراها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وأضاف الزوار ان ارتياح الحريري لمحادثاته في الرياض اقترن هذه المرة بارتياحه حيال إصراره واللواء ريفي على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة انطلاقاً من وجود شعور لديهما بأن استهداف أحدهما لا يعفي الآخر من الاستهداف، وبالتالي لا خيار أمامهما سوى مواجهة التحدّيات من موقع واحد.

وعلمت "الشرق الأوسط" أن مصالحة الحريري - ريفي شكّلت مفاجأة للشارع الطرابلسي وكان للسنيورة ودرباس دور في العودة بعلاقة الحريري وريفي إلى بر الأمان، خصوصاً أنهما خاضا هذه المهمة بعيداً عن الأضواء. فقد قاما بدور الرافعة لإنهاء الخلاف بين الحريري وريفي، وارتأيا أنه من غير الجائز عدم الالتفات إلى الانتخابات الفرعية في طرابلس والتعامل معها على أنها الاستحقاق الذي يستدعي التحرّك لرأب الصدع بينهما.

وكان السنيورة ودرباس قد انطلقا لتهيئة الأجواء أمام إنجاز هذه المصالحة منذ أكثر من أسبوعين، وكانت البداية باتصال أجراه ريفي بدرباس أعقبه لقاء بينهما بعلم السنيورة. وأكد ريفي في هذا اللقاء، كما علمت "الشرق الأوسط"، أنه لا يبحث عن مقعد نيابي، و"لا أريد أن يُهزم الرئيس الحريري في طرابلس، وبالتالي لا أسمح لنفسي بأن أكون طرفاً لاستهدافه". لكن ريفي اقترح دعمه أي مرشح يمكن أن يختاره الحريري كبديل عن ترشُّح ​ديما جمالي​. وكان رد درباس ولاحقاً السنيورة عندما التقى ريفي في بيروت بأن الحريري يتمسّك بترشّحها لأنها عنوان معركته السياسية. إلا أن ريفي سرعان ما أبدى مرونة وانفتاحاً تأكيداً منه على أن المعركة تستهدف الحريري الذي كان أُعلم خلال وجوده في الرياض بالأجواء الإيجابية التي سادت اجتماعات اللحظة الأخيرة وتحديداً لقاء السنيورة - ريفي.

ولدى عودته من الرياض كانت التحضيرات قد أُنجزت لمصالحته مع ريفي، وبادر إلى إعطاء الضوء الأخضر بأن تتوّج المصالحة في اللقاء الذي عُقد ليل أول من أمس، في منزل السنيورة. ومع تحديد ساعة الصفر لتحقيق المصالحة، ارتأى الحريري والسنيورة وريفي ضرورة دعوة درباس للمشاركة فيها، وهذا ما حصل فوراً بانتقال الأخير من طرابلس إلى بيروت وأيضاً بانضمام المستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حمود، إلى اللقاء.

وعلمت المصادر أن الأسباب التي أدت إلى الخلاف بين الحريري وريفي غابت كلياً عن المداولات التي جرت في اللقاء، ما يعني أنهما ليسا في وارد العودة إلى الماضي ما داما اتفقا على فتح صفحة جديدة.

وفي هذا السياق أجمع معظم الذين شاركوا في لقاء المصالحة، أنهم لاحظوا بعد أقل من 3 دقائق على بدء الاجتماع، كأنّ لا مشكلة بينهما وكأن اجتماعهما يأتي استكمالاً لاجتماع عُقد قبل أيام.

ونقل هؤلاء عن الحريري قوله، ان "أنا أختلف مع فؤاد وأحياناً مع رشيد لكننا نبقى جميعاً في صف واحد ولا نسمح لهذا أو ذاك باستغلال الخلاف والعمل لخرق العائلة الواحدة". وردّ ريفي: "نحن نختلف لكننا لسنا في وارد شق الصفوف، ومَن يستهدف الرئيس الحريري يستهدفني".

وكانت للسنيورة ودرباس مداخلة قالا فيها انّ "المسيرة أمامنا طويلة، ولريفي حيثية ورأي ونحن نحترم رأيه، ولكن الخلاف في الرأي يبقى في إطار الحفاظ على وحدة الصف، لأننا جميعاً في خندق واحد".