مجدداً، وأيضًا وايضًا، ​الضمان​ ... لماذا الضمان؟ ولماذا نكتب عنه للمرة العشرين؟ ولماذا نواصل وسنواصل الكتابة عنه؟ لأنه "قجة" اللبنانيين المضمونين، ولأنه "طبيب" المرضى، ولأنه "صيدلية" الذين يحتاجون إلى دواء، ولأنه إذا لم يكن القدوة والمثال لسائر الإدارات، فعلى الطمأنينة السلام .

***

إسمه معه، وإسمه عليه، هو "الضمان" أي "الضمانة"، وإذا لم يكن كذلك فإن اللبناني يكون حقيقة في أزمة، متروكًا للأقدار . والدافع إلى الكتابة عن الضمان هذه المرة، مجددًا، هو ما يسود هذا القطاع من ملابسات قضائية أقل ما يُقال فيها إنها لو استمرت لشكلت ضربة قاصمة له، لكن العين الساهرة على الضمان وعلى مصالح الناس، ادت إلى وقف مَن يجب إيقافهم، وأن التحقيقات تتوسَّع من أجل الوصول إلى كل مرتكب .

***

بدايةً، لولا الثقة التي يوليها الرئيس ​نبيه بري​ لرئيس مجلس ادارة الضمان الدكتور ​محمد كركي​، لَما كان للأخير الطاقة والقدرة على فتح الملف للوصول به إلى خواتيمه المجدية. فالدكتور كركي يقود فريق عمل لمتابعة كل الملفات، على رغم النقص الهائل في العناصر البشرية .

***

عينات من الغش والتزوير والملاحقة ، فبحسب رئيس مصلحة القضايا في الضمان الإجتماعي صادق علوية أنه "بعدما أصبحت معاملات الملفات الطبية ممكننة أصبح التدقيق فيها أسهل، وبموجب التدقيق تبين أن هناك غشًا في عدد من المعاملات يقوم بها طبيب وأحد السماسرة"، والملف هو واحد من 99 ملفًا جزائيًا باتت في عهدة الادعاء العام المالي. الطامة الكبرى أن هناك أطباء يقومون بوصفات وهمية للاستفادة ماليًا من الضمان .

***

هذا الواقع دفع بالمدير العام للضمان الدكتور محمد كركي إلى الخروج على صمته وبق البحصة ، فكشف انه في إطار متابعته لقضايا الغش والإحتيال من قبل بعض المواطنين والمضمونين بقصد الإستفادة دون وجه حق من تقديمات ​الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي​، وبناء للتحقيقات التي أجرتها المراقبة الطبية ومديرية التفتيش الإداري في الصندوق، وعطفا على الإجراءات التي إتخذتها إدارة الصندوق... تقدم المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور كركي بدعوى أمام ​النيابة العامة المالية​ ضد أربعة أطباء ومواطن ومضمونين وكل من يظهره التحقيق فاعلا أو شريكا أو متدخلا من أطباء وصيادلة ومختبرات ومضمونين وغيرهم بجرم إختلاس أموال الصندوق، والتزوير وإستعمال المزور والإحتيال، والإفادات الكاذبة، والغش. وحذر الدكتور كركي كل من تسول له نفسه الإستفادة من تقديمات الصندوق من دون وجه حق، وذلك تحت طائلة إتخاذ العقوبات المناسبة في حقه ولا سيما الملاحقة القانونية لدى المحاكم المختصة عند الإقتضاء.

***

عمليًا، ماذا كان يحصل؟ بالتكافل والتضامن بين الأطباء، ومواطن مريض ومضمونين، كان الاطباء يكتبون وصفات طبية للمريض، غير المضمون ولكن على إسم مضمونين، وكانت هناك صيدليات تسجِّل لهم ​الأدوية​، فيتم تقديم الفواتير للضمان ويتقاضون ثمنها، ويتم

تقاسم "الغلة" بين الأطباء والمريض والمضمونين و​الصيدليات​ ! بإشراف مباشر من الدكتور كركي، وبمتابعة حثيثة منه، تمت عملية الضبط، وهو بهذه المتابعة الحثيثة يقوم باداء يعكس حرص رئيس ​مجلس النواب​ نبيه بري على ان تكون المؤسسات التي تُعنى بقضايا المواطنين قمة في النزاهة والشفافية، وليس سرًا ان الرئيس بري يولي عناية استثنائية لقطاع الضمان، وهو من أجل ذلك يشد على يدي الدكتور كركي للسير بالملف إلى النهاية .

***

يحصل كل ذلك في وقت يعاني فيه الضمان من نقص هائل في العناصر البشرية، والسؤال هنا: الى متى سيستمر هذا النزف؟ إن ​الحكومة​ مدعوة إلى التلفت إلى أوضاع الضمان ليبقى "الضمانة"... صحيح ان الدكتور كركي بق البحصة وأطلق صرخة، ولكن هل من مجيب ومستجيب؟