على الرغم من غياب الاحتفالات السياسيّة أو الحزبيّة بذكرى الرابع عشر من آذار هذا العام، تُطرح الكثير من الأسئلة اليوم حول إمكانيّة عودة الفريق السياسي، الذي نتج عنها قبل نحو 14 عاماً، إلى ​الحياة​ من جديد، في ظل الخلافات التي عصفت بين أركانه، نتيجة الخيارات التي اتّخذها كل من رئيس ​الحكومة​ ​سعد الحريري​ ورئيس حزب "القوات ال​لبنان​ية" ​سمير جعجع​، في الفترة السابقة.

وفي حين كان كل من "​التيار الوطني الحر​" و"​الحزب التقدمي الاشتراكي​" أول الخارجين من هذا التجمّع السياسي، يمكن القول أنّ مرحلة ​الانتخابات​ الرئاسيّة وجّهت الضربة القاضية له، حيث بات الانقسام داخل الفريق نفسه، بين معارضي التسوية التي حصلت بين "الوطني الحر" و"المستقبل" ومؤيّديها، قبل أن تنفجر الخلافات بين "القوات" و"المستقبل" لاحقاً، لا سيما بعد المرحلة التي تلت عملية احتجاز الحريري في السعوديّة.

في الوقت الراهن، لا يزال "المستقبل" مصراً على خيار التسوية السياسيّة التي أبرمها مع "الوطني الحر"، بحسب ما تؤكد مصادر نيابيّة في كتلة "المستقبل" عبر "النشرة"، لا سيّما رئيس الحكومة، بغضّ النظر عن المصالحة التي أبرمها مع ​اللواء​ المتقاعد ​أشرف ريفي​، حيث أن الخطوة الأخيرة يمكن أن توضع في إطار ترتيب البيت الداخلي على الساحة السنّية، أكثر مما هي على مستوى أوسع، خصوصاً أنها ترتبط بالانتخابات النيابيّة الفرعية في ​طرابلس​.

وتشير هذه المصادر إلى أن الحريري يدرك جيداً أن لا مصلحة له بالعودة إلى الوراء، في حين أنّ أيّ طرح لإعادة جمع قوى الرابع عشر من آذار لا يمكن أن يكتب له النجاح من دون "المستقبل" بما يمثّله من ثقل شعبي، وتشدد على أن رئيس الحكومة لا يعتبر أن المرحلة الراهنة تتسم بالمواجهة على المستوى المحلي، بغض النظر عن التطورات على الصعيدين الإقليمي والدولي، لكنها تلفت إلى أنّ الانقسام حول العديد من الملفّات على المستوى السياسي سيبقى قائماً، لا سيما تلك المتعلقة ب​النازحين​ والعلاقة مع ​سوريا​.

في الجانب المقابل، قد يكون كل من "القوات" و"​الكتائب​" من أبرز المتحمّسين إلى المرحلة السابقة، بالإضافة إلى الشخصيّات المستقلة التي قررت الذهاب إلى خيار المعارضة، إلا أن "القوات"، بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة في قوى الرابع عشر من آذار، لا يستطيع اليوم حسم خياراته السياسية، فهو من ضمن القوى التي تُصنف معارضة من داخلة السلطة، وتشير إلى أن هذا الواقع هو الذي فرضه عليه القبول بالحدّ الأدنى حكومياً، على عكس "الكتائب" الذي اختار منذ البداية البقاء في المعارضة.

على الرغم من كل ما يحصل تشير هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن لا شيء يمنع عودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً، لا سيما أن هناك الكثير من المؤشرات التي تدل على ذلك، أبرزها الضغوط التي يقوم بها الفريق الآخر، وترى أن تماسك قوى الثامن من آذار هو الذي يسمح له بفرض وجهة نظره، في حين تفكّك قوى الرابع عشر من آذار أدّى إلى تراجع حضور معظم أفرقائه، بينما "القوات"، الفريق الوحيد الذي أحرز تقدماً شعبياً، لم ينجح في ترجمة قوته الشعبية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، فان الأجواء الإقليمية والدولية توحي بوجود امتعاض على المسار الّذي سلكته الأمور في لبنان منذ ​التسوية الرئاسية​، خصوصاً بعد النتائج التي أفرزتها ​الانتخابات النيابية​ الأخيرة، وتؤكّد أن الولايات المتّحدة ومعها بعض الدول العربيّة، خصوصاً تلك التي تدور في ​الفلك​ السعودي، هي اليوم في مرحلة مواجهة لا تسوية، ما يترجم محلياً بالمزيد من العقوبات والضغوط على "​حزب الله​"، بالرغم من اعترافها بأن الموقف الأوروبي مختلف بعض الشيء.

في المحصّلة، تنقسم الآراء حول إمكانيّة عودة تجمع قوى الرابع عشر من آذار إلى الحياة من جديد، إلا أن اللافت أن هناك من يراهن على تطورات قد تكون مساعدة على هذا الصعيد، فهل تنجح هذه الرهانات؟!.