يتشتت الاهتمام السياسي الفلسطيني بين ثلاثة ملفّات ساخنة تترابط بشكل مباشر في عناوينها، من الضفة الغربية الى غزة. فمخيّمات لبنان، ترسم بهذه الملفّات صورة سوداوية عن الواقع الفلسطيني المأزوم سياسيا وأمنيا، بين الخلافات المستفحلة التي وصلت الى طريق مسدود مع تجذّر الانقسام افقيًّا وعاموديا في الجسد الواحد، في مرحلة "خطيرة" تتطلّب أعلى درجات الوحدة والتلاقي لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضيّة الفلسطينيّة على ابواب اعلان صفقة القرن الاميركيّة.

في الضفّة، ينصبّ الاهتمام على تشكيل الحكومة الفلسطينّية الفصائليّة الجديدة برئاسة عضو "اللجنة المركزيّة" لحركة "فتح" محمد أشتية وعلى مواجهة الضغوط والحصار المالي الدولي والاسرائيلي، وفي غزة يتشتت بين التحركات الشعبيّة الاحتجاجيّة على الغلاء والفقر وعلى تطويق ذيول الاعتداءات الاسرائيلية المتواصلة، فيما المخاوف ان تدفع مخيّمات لبنان ثمن الخلاف والفرقة، وسط محاولات اعادة الروح والحياة الى العمل المشترك وفق الوثيقة التي وقع عليها ممثلو القوى الفلسطينية برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري في العام الماضي تحت عنوان "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان.

مساع "أمل"

وأكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، أن مسؤول الملف الفلسطيني في حركة "أمل" الحاج محمد الجباوي وعضو المكتب السياسي بسام كجك، باشرا مساعٍ جديدة لتقريب وجهات النظر وردم الخلافات بين "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" وبين "حماس" و"الجهاد الاسلامي" من أجل استئناف لقاءات "القيادة السياسية الموحدة" في لبنان، على ضوء الرغبة اللبنانيّة ببدء حوار رسمي لبناني–فلسطيني، وفق الرؤية اللبنانيّة الموحدة التي اتّفقت عليه الاحزاب اللبنانيّة، لمنح الشعب الفلسطيني جانبا من حقوقه المدنيّة والاجتماعيّة والانسانيّة وفي المقدمة منها حقّ التملك والعمل، لتخفيف المعاناة ريثما تتمّ العودة الى فلسطين، حيث يتوقع ان يرتفع الدخان الابيض بعد عودة أمين سر حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" في لبنان فتحي أبو العردات اليوم من المغرب بعد مشاركته في مؤتمر هناك.

وأبلغ كجك "النشرة"، انه بناء لتوجيهات بري، فقد باشرت قيادة حركة "أمل" المعنية بالملف الفلسطيني مجددا، مروحة اتصالات سياسيّة مع كافة القوى الفلسطينيّة الوطنيّة والاسلاميّة سواء في اطار "المنظمة" او "التحالف" او "القوى الاسلاميّة"، موضحا "أن ممثلي كافة القوى أبدوا تجاوبهم لاعادة تفعيل "هيئة العمل المشترك" بالرغم من كل التطورات "الساخنة" سواء في غزة او الضفة"، مضيفا "هناك اجماع فلسطيني على ضرورة تحييد الساحة الفلسطينيّة في لبنان لحماية المخيّمات وامنها واستقرارها كما الجوار اللبناني، والتقاط الفرصة لبدء حوار لبناني فلسطيني يحقّق المصلحة المشتركة للطرفين.

وقد مهد لارتفاع "الدخان الابيض"، لقاء مشترك عقده الجباوي مع كل من مسؤول "حزب الشعب الفلسطيني" في لبنان غسان أيّوب وعضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينيّة" صلاح اليوسف، في مقر حركة "أمل" في حارة صيدا، حيث وصف اللقاء بأنه إيجابي واتسم بالصراحة والشفافية، وجرى بحث مختلف الظروف والاسباب التي أدّت إلى تعطيل العمل الفلسطيني المشترك خلال الأشهر الماضية، حيث اكّد أيوب واليوسف بأن قيادة فصائل المنظمة" وعلى رأسها قيادة حركة "فتح"، كانت وستبقى متمسكة وداعمه للعمل الفلسطيني المشترك في لبنان، ولكن بشرط أن يقوم على الاحترام ووحدة الموقف والالتزام بما يتمّ التوافق والتفاهم عليه، وخاصة فيما يتعلق باستقرار أمن المخيمات وحفظ العلاقة مع الجوار اللبناني الشقيق.

وخلال اللقاء نقل اليوسف وأيوب تقديرهم العالي للوقوف الدائم لبري مع الشعب الفلسطيني وقضيته وحقوقه المشروعة، وشكروا الجهود التي يبذلها مع الاطراف السياسيّة اللبنانيّة لإيجاد مقاربات متعلقة بالحقوق المدنيّة والاجتماعيّة للفلسطينيين المقيمين قسراً في لبنان، لتحسين حياتهم ومعيشتهم إلى حين تحقيق حق العودة لهم إلى ديارهم.

أمن عين الحلوة

الى جانب الشق السياسي، إنشغلت القوى الاسلاميّة الفلسطينية في تطويق ذيول الحادثين الامنيين المترابطين اللذين حصلا في ​مخيم عين الحلوة​ بين عناصر من "عصبة الانصار الاسلامية" ومجموعة الناشط الاسلامي بلال العرقوب، وأدّيا الى سقوط خمسة جرحى (اثنان في الاشكال الاول وثلاثة في الثاني من بينهم يوسف العرقوب الذي وصفت جراحه بالخطرة وما زال يرقد في مستشفى "النداء الانساني" للمعالجة بعد إجراء جراحة له)، وسط حالة من التوتر والاحتقان بين الطرفين نتيجة وجودهما في ذات المنطقة "الصفصاف–الرأس الاحمر" في الشارع الفوقاني، وإمكانية الاحتكاك بين الحين والآخر ما يبقي الوضع "قنبلة موقوتة".

وأوضحت مصادر فلسطينيّة انه نظرا لتداخل الحسابات السياسيّة، بين "صمت" بعض القوى ورغبة أخرى باضعافهما داخليًّا ومع محاولة كل واحد اثبات قوّته ونفوذه، فقد شكلت فعاليّات بلدات "الرأس الأحمر وعرب زبيد والصفصاف" وفدا مشتركا بدأ مساعيه الحميدة لمنع تطور الامور نحو الاسوأ، فعقد سلسلة لقاءات متتالية مع قيادة "العصبة" في مسجد "الشهداء" في حي الصفصاف ومع الناشط الاسلامي بلال العرقوب في منزله، ومع "أمير الحركة الاسلاميّة المجاهدة" الشيخ جمال خطاب مسجد "النور"، ثم مع مسؤول "العصبة" الشيخ ابو طارق السعدي في منزله، ثم القيادي الاسلامي الشيخ اسامة الشهابي في حي "عرب الزبيد"، قبل ان يتوجه الى مستشفى "النداء الانساني" لمتابعة حالة الجريح يوسف العرقوب، والى مركز لبيب الطبي في صيدا لمتابعة حالة الجريح حسين فرهود الملقب "شقور".