كشف مصدر وزاري واكب الأجواء التي سادت لقاء رئيس الحكومة ​سعد الحريري​ ورئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجية ​جبران باسيل​، قبل سفر الأول إلى ​بروكسل​ لترؤس الوفد اللبناني في المؤتمر الدولي لتقديم الدعم المادي للدول المستضيفة للنازحين السوريين، أن الخلاف بينهما لم يكن بسبب عدم التحاق الثاني بالوفد، وإنما لإصراره على حصر حصة المسيحيين في ​التعيينات​ بتياره السياسي دون الآخرين، إضافة إلى إصراره على مشاركة المسلمين في حصتهم.

وأكد المصدر الوزاري لصحيفة الشرق الأوسط، أن "تذرّع باسيل بوجود تباين مع الحريري حيال التعاطي مع ملف النازحين انطلاقاً من قرارات مؤتمر بروكسل 2 لا يعكس أبداً الأجواء التي سادت اللقاء بمقدار ما أنه أراد التلطي وراء هذا الملف لإخفاء السبب الحقيقي للخلاف والمتعلق بالتعيينات التي يتحضر ​مجلس الوزراء​ لإصدارها" لافتا إلى أن "الحريري كان واضحاً في عدم مراعاته لإصرار باسيل على حصر حصة المسيحيين في التعيينات بالتيار الوطني الحر، مع أنه يمثل نحو 32 في المائة من المسيحيين". وقال إن رفضه لما طرحه باسيل ينطلق من أنه "ليس في وارد الدخول في مواجهة مع المسيحيين الآخرين الذين يحق لهم الاعتراض على تفرّد وزير الخارجية في مطالبته هذه".

وسأل المصدر ان "كيف سيتصرف الحريري في حال تسليمه بطلب باسيل للتعيينات؟ وماذا سيقول للأطراف الأخرى في الشارع المسيحي الذي سينتفض على استئثار "التيار الوطني" بالتعيينات الإدارية التي لن تقتصر على الفئة الأولى وإنما تشمل الفئات الوظيفية الأخرى في الإدارات والمؤسسات الرسمية؟ وهل من حقه أو يجوز له إلغاء القوى المسيحية ذات التمثيل الوازن في البرلمان والحكومة؟".

وأوضح المصدر لـ"الشرق الاوسط"، أنه لم يعرف الأسباب التي كانت وراء تأجيل تعيين أعضاء جدد في ​المجلس العسكري​ لتأمين اكتمال نصابه، مشيراً إلى أن "هذا الأمر نوقش بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ والحريري في الخلوة التي جمعتهما في بعبدا، قبل انعقاد الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء، وكانت وراء اقتراح رئيس الوزراء تأجيل البحث في هذه التعيينات. "

وأضاف أن "وزير الدفاع الوطني إلياس أبو صعب كان أعد المرسوم بخصوص تعيين 4 أعضاء جدد في المجلس العسكري وحمل أسماء العمداء المرشحين للمجلس. ومن بينهم العميد محمود الأسمر على أن يرقّى إلى رتبة لواء ليشغل منصب الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، لكن جرى الاعتراض على اسمه تارة بذريعة أن الأفضلية للأقدم منه في الخدمة، وأخرى بأن هناك ملفاً له لا يسمح بتعيينه".

ولفت المصدر إلى أن "الحريري طلب ملفه، لكنه لم يتسلم حتى الساعة أي شيء من هذا القبيل". وسأل عما إذا كان لتأخير تعيين أعضاء في المجلس العسكري علاقة مباشرة بربط تعيينهم بالتعيينات الأخرى "وبعضها بات ملحاً، وتحديداً تعيين 4 نواب لحاكم ​مصرف لبنان​ الذين تنتهي ولايتهم في مطلع الأسبوع المقبل".

وأشار إلى أن "موضوع الكهرباء حضر بامتياز في لقاء الحريري وباسيل في ضوء مطالبة الأول بضرورة الإسراع في تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء ومجلس إدارة جديد ل​مؤسسة كهرباء لبنان​، وهذا ما يلقى معارضة من التيار الوطني الحر ممثلاً بوزيرة الطاقة ندى البستاني، مع أن الحكومة كانت تعهدت في ورقتها الإصلاحية إلى ​مؤتمر سيدر​ بتعيين هيئات ناظمة للكهرباء والاتصالات والطيران المدني".

واعتبر رفض باسيل "انقلاباً على ما التزم به في هذا الشأن أمام مؤتمر سيدر". وقال إن رفضه "يعني كأنه لا يريد الاستبدال بالحلول المؤقتة لتأمين تغذية إضافية بالتيار الكهربائي الحلول الدائمة بدءاً بإنشاء معامل جديدة، ما يعني أن من يرفض الربط لا يزال يرجّح خيار الاعتماد على البواخر التركية". واستغرب ربط تشكيل الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء بتعديل القانون الخاص به. معتبرا ان "علينا أن نباشر بتطبيقه ومن ثم نلتفت إلى تعديله، أما الإصرار على الربط من شأنه أن يعيق عملية إصلاح هذا القطاع».

ويرى المصدر الوزاري أن "التهويل" الذي يتزعمه باسيل ورفاقه في "التيار الوطني" بالانسحاب من الحكومة بذريعة أنها غير منتجة، يقحم البلد في اشتباك سياسي لا نهاية له، لأن هناك صعوبة في تشكيل حكومة بديلة حتى لو راهن على دور حليفه حزب الله في هذا المجال، وبالتالي سيقحم البلد في حكومة تصريف أعمال. فهل يتحمل الرئيس عون لجوء هذا أو ذاك إلى فرط حكومة العهد الأولى؟.